قال المجاهد والدبلوماسي الأسبق محمد مقراني في شهادة نشرتها جريدة الشعب، إن «بومدين ثقف نفسه بنفسه خلال الفترة التي قضاها في القاهرة بين 1951-1955 من خلال مطالعة الكتب التي تتحدث عن مادة اللغة العربية وأدبياتها.
“كان بومدين عصاميا، حيث اعتمد على قدراته الخاصة من خلال تعمقه في اللغة العربية ثم اختلاطه بالطلبة الجامعيين الجزائريين الذين كانوا يدرسون في القاهرة، كان كثير الحضور لمجالس العلم الخاصة بفقهاء الأزهر ولا يضيع الفرصة أبدا منذ وصوله القاهرة سنة 1951، إلا أنه غاب عن الأنظار في سنة 1955، هذه المعلومات تحصلت عليها لما كنت في القاهرة أثناء عملي بالسفارة من سنة 1962 إلى سنة 1965.
أثناء تواجدي في القاهرة تعرفت حتى على المطعم التي كانت أسعار وجبته في متناول أصحاب الدخل المحدود جدا، ويقع في محيط جامع الأزهر، نفس الشيء بالنسبة للغة الفرنسية وكان لا يفارق مطالعة جريدة «le monde »، وحتى لما كان قائد أركان بالجبهة الغربية بالحدود الجزائرية المغربية يحكى عنه أنه كان لا يفارق المطالعة ليلا نهارا.
يحكي منصور بوداود، رحمه الله، أنه ذات مرة كلفه المرحوم بوصوف بمهمة بألمانيا، وكان يحمل جواز سفر مغربي للتمويه سمع بومدين بالسفرية فسلمه قائمة بمشتريات تخص كتبا من بينهم كتاب يشرح بالتفاصيل طريقة الوصول إلى الحكم والزعامة والإنفراد بالسلطة. هكذا اشترى منصور بوداود الكتب أما كتاب كيفية الوصول إلى الحكم والزعامة اشترى منه ثلاث نسخ لبومدين والثاني لبوصوف والثالثة للمكتبة التابعة لمديريته «DLE »، حتى لما أسلمه البرقيات أجده منهمكا في القراءة ولا ينطق بكلمة واحدة، ولما أصبح رئيس الجمهورية أصبحت لديه أمهات الكتب العربية والفرنسية تحت تصرفه، فكيف لكل هذا الشغف وحب المطالعة أن لا يتثقف ويصبح نابغة في القراءة والمعرفة والخطابة، وأمثلة كثيرة أمامنا أذكر «عباس محمود العقاد»، مالك بن نبي الإثنان عصاميان ولكنهم وصلوا إلى قمة القمم في البلاغة، والتحكم في العربية كتابة ونطقا وبحثا».
