كانت سياسة التعذيب أحد أبرز الأساليب الإجرامية الفرنسية التي طبقت على نطاق واسع في السجون والأماكن السرية مثل الأقبية ضد المجاهدين والمدنيين على حد سواء خلال ثورة التحرير.
أنشأت فرنسا العديد من مراكز الاستنطاق والتعذيب في كامل التراب الوطني خاصة في منطقة معسكر، بالإضافة إلى مراكز الدرك والفيلات والمزارع التي كان يملكها المستوطنون،حيث مورس التعذيب في خزانات المياه بغرض إخفاء جرائمها وانتهاكاتها لحقوق الإنسان.
قدمت معسكر أكثر من 6 آلاف شهيد من خيرة أبنائها فداء الوطن خلال الثورة المباركة، وكانت أكثر إستهدافا من السلطات الفرنسية الإستعمارية، ما يفسر العدد الكبير من مراكز التعذيب التي أقيمت لقمع الثورة، حيث بلغ القمع الإستعماري ذروته سنة 1956 في الوقت الذي شهدت فيه المنطقة نشاطا ثوريا مضادا أربك القوات الفرنسية بداية من معركة “غار بوجليدة” سنة 1954 بقيادة أحمد زبانة، ومعركة جبل المناور التي نالت فرنسا خلالها هزائم نكراء، ومعركة جبل اسطمبول في أوت 1958 بقيادة المجاهد أديب الميلود المدعو سي عبد العزيز، وملحمة فوج بوشريط بالمحمدية في ديسمبر 1959، أين حشدت فرنسا قوات كبيرة مقابل مجموعة من12 مجاهدا كانوا في مهمة خاصة.
عانت منطقة معسكر المجاهدة من ويلات التعذيب بإحصاء 76 مركزا للتعذيب خلال 1954-1962 ، موزعة عبر 16 دائرة بالولاية، ناهيك عما خفي منها ولم يذكره التاريخ.
مركز التعذيب “كولان” بسيق كان يستقبل المعتقلين من مختلف مناطق الغرب الجزائري، وكان يتسع ل100 معتقل بعد أن حول من مزرعة لأحد المعمرين إلى مركز للتعذيب سنة 1957، وقسم إلى قسم للتعذيب واخر للإعتقال.
توصف هذه المراكز بأسمائهم على غرار “نيقو”،” غيلان”،”إيزيدور “،وغيرها إنها كانت في شكل زنزانات تحت الأرض، رطبة ومظلمة ينتابك شعور رهيب لدى زيارتها، تكاد تسمع أنين المعتقلين وصرخاتهم لمجرد نزولك إلى المكان، قد تفاجئك الجرذان وليست أكثر رهبا من الجنود الفرنسيين والضباط الذين تنابوا على تعذيب الجزائريين في تلك الفترة.