توفيت المجاهدة والمحامية مريم بلميهوب زوجة زرداني، اليوم الثلاثاء، بالجزائر العاصمة، عن عمر ناهز 86 سنة.
المرحومة من بين المجاهدات الماجدات ابان ثورة التحرير المباركة، شهد لها بشجاعتها ومبادئها حتى وهي داخل سجن الاستعمار.
تولت الراحلة بعد ثورة التحرير مسؤوليات ومهام سامية التي تقلدتها، حيث انتخبت في المجلس التأسيسي 1962، وعينت وزيرة، وعضو في مجلس الأمة.
الرئيس تبون يعزي
وقدم رئيس الجمهورية عبد المجيد، التعازي للعائلة المجاهدة مريم بلميهوب، وأشاد بما قدمته المرحومة للجزائر.
جاء في نص تعزية رئيس الجمهورية: “إلى عائلة المرحومة المجاهدة مريم بلميهوب زرداني.. آلمنا أن نتلقَّى بتأثّر وحسرة النبأ المُفجع، بوفاة المجاهدة مريم بلميهوب زرداني.. وإننا لَنُقاسمكم الحزنَ والأسى، ونحن نَفقِدُ المجاهدة والمحامية والحقوقية رفيقة الشهيدات جميلات الجزائر.. والمجاهدات الماجدات”.
وهبت المرحومة شبابها فداءً للوطن “فانطبع اسمُها في سجِّل مناضلات ومجاهدات الثورة التحريرية المباركة، اللائي تَشهد لهن مساراتهن بالشجاعة والتضحية والوطنية .. لقد ظلّت أختُنا المرحومة وفيةً للمبادئ والمثل التي إنغرست في وجدانها، وهي التي تَشَرَّبتها في مدرسة الثوار الأبطال، وفي زنزانتها وهي حرة أبية حتى داخل السجن الاستعماري”.
وأضاف نص التعزية: “عُرفت بالتزامها الوطني وبغيرتها على القِيَم النوفمبرية، وتَعَلُّقِها برسالةِ الشهداء الأبرار .. وواصلت عطاءها بإخلاصٍ من مواقع المسؤوليات والمهام السامية التي تقلدتها .. منتخبةً في المجلس التأسيسي 1962، ووزيرةً وبرلمانية في مجلس الأمة، ومن خلال نشاطاتها في مجال تخصُّصها الحقوقي بنفس القناعة والنزاهة، والرُّوح الوطنية العالية رحمة الله عليها”.
وواصل الرئيس تبون: “وإننا إذ نُشيّعها اليوم بالتقدير المستحق للمجاهدات، نَستحضر باعتزازٍ شرفَ وَمَجْد أخواتِها الشهيدات والمجاهدات”.
وخلص رئيس الجمهورية: “في هذا المصاب الجلل أتوجه إليكم أنتم أفراد عائلة فقيدتنا رحمة الله عليها .. وإلى أخواتها المجاهدات.. وإخوانها المجاهدين أطال الله في أعمارهن وأعمارهم، بخالص التعازي وصادق مشاعر المواساة، مُتضرعًا إلى المولى عزّ وجلّ أن يلهمكم الصبر والثبات، ويتغمدها بواسع الرحمة والمغفرة في جنة الخلد .. عظم الله أجركم”.
رسالة وزير المجاهدين
وأكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أن الجزائر فقدت بوفاة المجاهدة والوزيرة وعضو مجلس الأمة سابقا، مريم بلميهوب زرداني، واحدة من المناضلات والإطارات السامية للبلاد.
في رسالة تعزية تقدم بها الى أفراد عائلة المرحومة ورفاق دربها في الجهاد، تقدم ربيقة بـ”تعازيه القلبية الخالصة المشفوعة بأصدق مشاعر التضامن والمواساة في مواجهة هذه المحنة الأليمة بفقدان واحدة من جميلات الجزائر المكافحات المناضلات والإطارات السامية المقتدرات ورائدة من الرعيل الأول للمحاميات العربية التي دافعت عن قضايا وطنها وأمتها بكل شجاعة وإخلاص، سائلا الله أن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته وشامل غفرانه وعميم رضوانه، وأن يرزق أهلها وذويها جميل الصبر ووافر السلوان”.
تعزية مجلس حقوق الإنشان
وتلقى المجلس الوطني لحقوق الإنسان “بحزن وأسى عميقين نبأ انتقال المجاهدة مريم بلميهوب زرداني إلى جوار ربها”، واصفا إياها بـ”المرأة الوطنية حتى النخاع”، حيث التحقت بصفوف جبهة التحرير الوطني انطلاقا من الثانوية وعمرها لم يتعد 17 سنة.
وذكر المجلس بمسار الفقيدة بعد الاستقلال وكانت “عضوا بالمجلس الوطني التأسيسي ووزيرة وعضو بمجلس الأمة، وعرفت بدافعها عن حقوق الإنسان كمحامية وخبيرة لسنوات طويلة في لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة CEDAW بجنيف”.
نبذة
ترعرعت المرحومة، التي ولدت يوم الفاتح أبريل 1935 بالجزائر العاصمة، بين أحضان أسرة كريمة متشبثة بالقيم السامية والمبادئ النبيلة، ونشأت منذ نعومة أظافرها على قهر الظروف الصعبة التي فرضها الاستعمار على الشعب الجزائري، فنالت بمثابرتها وجدها نصيبا من العلم وتعلمت قيم النضال الوطني مما أهلها للالتحاق بصفوف الثورة التحريرية المجيدة سنة 1955، لتتحمل مع إخوانها مسؤولية المشاركة بفعالية في تنظيم الإضراب العام للطلبة في 19 ماي 1956، مستبدلة مقاعد الدراسة بجبهات القتال في صفوف جيش التحرير الوطني بالولاية الرابعة التاريخية أين أدت مهامها كممرضة على أكمل وجه.
وقد أبلت الفقيدة في سبيل ذلك البلاء الحسن إلى أن ألقي عليها القبض سنة 1957 وحكم عليها بـ5 سنوات سجنا، لاقت فيها مرارة الظلم الاستعماري سواء في سجن “سركاجي” أوفي السجون الفرنسية التي حولت إليها إلى غاية نيل الاستقلال.