تاريخ الثورة الجزائرية زاخر بأحداث وبطولات وتضحيات، لا تخلو منطقة من مقبرة شهداء. معارك ضارية خاضها جنود جيش التحرير شملت تقريبا كل ربوع البلاد. لهذا وجب تنويع الدراسات لتشمل كل النواحي والجوانب وتسلط الضوء على بطولات وأحداث طالها النسيان والتهميش.
قال الأستاذ الجامعي مراد عاتي، وهو أستاذ الحضارة بجامعة ڨالمة، وقيادي في أكاديمية الذاكرة الجزائرية، في حديث مع الشعب، إن رهانات الظرف الحالي تفرض على مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجامعات والمعاهد أن تواكبها وتضع إستراتيجيات واضحة للسير قدما نحو دعم الدراسات والأبحاث التي تعنى بثورة التحرير، فمرافقة الطالب وتوجيهه وتوفير المادة الأرشيفية له.
إضافة إلى الإتصال بمن صنعوا الأحداث كعامل مفصلي يساهم في تطور الدراسات التاريخية.
وأضاف أن الإتفاقيات مع القطاعات الفاعلة توفر الدعم الضروري للباحث وتعطيه أريحية في التعامل مع الأحداث لرفع التهميش الذي طال مناطق مجاهدة قدمت الغالي والنفيس في مشوارها طيلة حرب التحرير.
المحافظة على الذاكرة الجماعية
يقول الأستاذ عاتي إن الأبحاث الأكاديمية في التاريخ من أنجع الطرق للحفاظ على ذاكرة الشعوب. ليست الجزائر إستثناء. لقد أصبحت الدراسات المعمقة حول الثورة الجزائرية وسيلة للحفاظ على الذاكرة الجماعية للأمة خاصة في ظل التكالب غير المسبوق من أبواق الخارج والداخل على تاريخنا المجيد…..
وتعتبر مرحلة النضال المسلح مرحلة مفصلية وصفحة مشرفة من صفحات الكفاح، الذي خاضه الشعب الجزائري على مدار قرون ضد كل القوى الغازية.
ويضيف عاتي أنه وجب على الجامعة الجزائرية، التي تمر بمرحلة فاصلة أن تأخذ بزمام الأمور، وتفعل كل الفروع والتخصصات المرتبطة بتاريخ الثورة بكل جوانبها، سواء العسكرية أو السياسية أو الإجتماعية للدفع بهذا المجال لأداء أدوار ريادية في الدفاع عن رسالة الشهداء الخالدة.
أجيال لا تعرف عن الثورة غير القليل
قبل الفاتح نوفمبر حاولنا أن نقيس مدى إرتباط الأجيال الجديدة بتاريخ الثورة المجيد الذي سطره الأجداد ضد واحدة من أعتى القوى الاستعمارية التقليدية في التاريخ المعاصر، فكانت الصدمة كبيرة.. كثيرون لا يذكرون سوى تواريخ بسيطة وأسماء شخصيات تتردد في مناسبات تاريخية.
التوجه العام لدى من سألناهم من الشباب على اختلاف فئاتهم العمرية ومستوياتهم العلمية والثقافية، يبين أن ذكرى الثورة التحريرية مناسبة باتت تمر عليهم مرور الكرام، تلاشت قيمها ومبادئها مع مرور السنوات، بسبب انشغالات اجتماعية ومشاكل يومية، ما جعل التاريخ بكل تفاصيله يفقد أهميته، مثلما يؤكد معظمهم.
فئة قليلة من الشباب مازالت تنظر للثورة المباركة نظرة مقدسة لأن الثورة في النهاية عبدت الطريق لنعيش بحرية اليوم، فقد أورثتنا أمانة يتوجب علينا صيانتها، أمانة ثقيلة خطت بدماء مليون ونصف مليون شهيد ممن آثروا الوطن على أنفسهم وأهليهم وأموالهم، فإنه من الجحود أن نتنكر لكل ذلك مثلما يؤكد علاء الدين مديني صحفي قناة البلاد.
تاريخ أجدادنا المجيد يفرض علينا مهمة مواصلة العمل لإعلاء راية الوطن عرفانا بتضحيات هؤلاء الرجال العظماء و اقتداء بقيمهم ومبادئهم .