تمر 43 سنة على رحيل الرئيس الراحل هواري بومدين، واسمه الحقيقي محمد إبراهيم بوخروبة.
جيل اليوم الذي لم يعايش فترة حكم بومدين التي دامت 13 سنة، يكن له الإحترام والحب، وكلما نُشر فيديو لخطابات الراحل على مواقع التواصل الاجتماعي تجد الجزائريين يتفاعلون معه ويترحمون عليه ويتمنون لو عاشوا في عهده لأنه يمثل بالنسبة لهم مرحلة العزة نظرا لشخصيته الكارزماتية وخطابه الشعبي وسياسته الاجتماعية.
رجل المرحلة
ترك الرئيس بومدين إرثا كبيرا لاسيما على الصعيد الاجتماعي خصوصا بمجانية التعليم والصحة. كانت أمامه ثلاث تحديات هي الزراعة، الصناعة والثقافة.
على مستوى الزراعة وزع الاف الهكتارات على الفلاحين الذين وفر لهم المساكن ويتجلى ذلك في مشروع ألف قرية سكنية وقضى على الأكواخ التي كان يقطنها الفلاحون وتمثل الفقر والبؤس، وأمدهم بكل الإمكانيات.
في المقابل أنشأ السد الأخضر بإقامة حواجز كثيفة من الأشجار لمنع التصحر.
و في المجال الصناعي أحدث ثورة صناعية بإنشاء مئات المصانع الثقيلة وقد حظي قطاع الطاقة بإهتمامه وكانت أول خطوة قام بها هو تأميم المحروقات.
وعلى الصعيد الدولي كانت للرجل مواقف مشرفة وثابتة اتجاه القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينينة وقضية الصحراء الغربية، وفتح أبواب كلية شرشال العسكرية أمام الضباط الفلسطنيين، ومنح مقر الجنرال ديغول ليكون مقرا لمنظمة التحرير الفلسطنية.
منحته الأمم المتحدة ميدالية السلام سنة 1976 عرفانا بجهوده المتواصلة في الدفاع عن مبادئ السلم والعدالة في العالم ومواقفه الثابتة إزاء القضايا العادلة وإيمانه بحق الشعوب في تقرير مصيرها.
لا يمكن نسيان ما قام به بومدين في حرب أكتوبر 1973 من مساعدة الجيشين المصري والسوري في الحرب ضد إسرائيل، حيث سافر إلى الإتحاد السوفياتي لإقناع الروس بالتعجيل بإرسال السلاح لكن السوفييت طلبوا مبالغ ضخمة فأعطاهم الراحل شيكا فارغا وقال لهم أكتبوا المبلغ الذي تريدونه.
فترة حكمه تميزت ببروز الجزائر كقوة مغاربية وإقليمية وعربية.
إرث كبير..
في هذا الصدد يؤكد القانوني والباحث في التاريخ عامر رخيلة لـ”ذاكرة الشعب” أن بومدين هو مؤسس النظام الجزائري الحالي، لان القواعد التي بني عليها النظام ظلت مستمرة.
ويضيف أن الراحل إعتمد سياسة إجتماعية كانت لها نتائج مباشرة على الفئات الشعبية لاسيما الفئات الضعيفة والتي كانت وقود الثورة التحريرية.
يقول رخيلة: “بومدين ما يزال حاضرا في مجتمعنا كرمز وزعيم عندما يذكر إسمه نجد الشباب الذين لم يتجاوزوا الـ40 سنة ولم يعرفوا مرحلته يكنون له محبة وإفتخارا”.
ويضيف: “ما ساعده هو البيئة الدولية يومئذ والخيارات الاجتماعية السائدة على مستوى العالم وشخصيته الكارزماتية وخطابه الشعبي وإدراكه لواقع الشعبي البسيط وثقافته الدينية والشعبية”.
ويبرز محدثنا أن خطاب بومدين إجتماعي، سياسي، ثقافي لديه معالم محددة نجدها في أدبيات الإستقلال أي برنامج طرابلس والميثاق الوطني وتستدعي التمعن فيه، ويؤكد أن بومدين يمثل صفحة من صفحات التاريخ لها إيجابياتها وسلبياتها، واصفا إياه برجل المرحلة.