كلمة المسبل تعني الشخص الذي يكرس حياته لعمل بإخلاص ونزاهة وتفان كلي.
خلال الحرب الإستعمارية التي شنتها الامبريالية الفرنسية منذ 1830 ضد الشعب الجزائري الشجاع، كان المتطوعين اللذين التحقوا بالبطلة لالا فاطمة نسومر، للدفاع عن “إيشريظن”، يلقبون بالمسبلين.
حفرت ملحمتهم إلى الأبد بحروف من ذهب في تاريخ جزائر الشهداء. إلى جانب الأعمال اللامعة المسلحة لعبد القادر، للمقراني، لأولاد جلال…
منذ 1 نوفمبر 1954، تعتبر الأغلبية الساحقة من الجزائريين والجزائريات، الذين ساندوا مناضلي حزب جبهة التحرير الوطني ومجاهدي جيش التحرير الوطني بمثابة مسبلين.
إن كتابة المساهمة المجهولة لهؤلاء المخلصين من أنصار حرب التحرير، سيتطلب سرد دور كل واحد وواحدة منهم ضمن ملايين الرجال والنساء، تخصيص مؤلفات كاملة.
غير أن إعطاء وصف لهؤلاء الرواد أبناء جزائر الغد، يدخل في إطار تكريم إحتفالي، هو واجب مقدس، إقرار بالدين لهؤلاء المحاربين المتخفين.
لنقل أيضا أن هؤلاء الرجال واللذين لم يكن لهم لباس عسكري هم بالنسبة لجبهة التحرير الوطني و جيش التحرير الوطني، كالعيون والآذان والأعضاء بالنسبة للإنسان، حيث بمجرد أن تغير وحدة من جيش التحرير الوطني وجهتها، يتحرك فورا المسبلون بانسجام وتحديد لافت للنظر.
تعين المناوبة التالية. يذهب رجل اتصال مع مسؤول المنطقة. فتحدد فورا الهيئة المحلية لجبهة التحرير لكل مسبل مهمته.
يتم الإعلان وتجهيز إيواء الجنود والضباط.
بالموازاة مع هذه التحضيرات، يعين قائد المنطقة أو الدوار الحراسة ليلا ويبدلها نهارا. حراسة يعززها بعض المجاهدين في أوقات تتطلب يقظة أكبر.
إضافة إلى ذلك، قبل أن تتنقل هذه الوحدة خلال الليل أو النهار، فإن خط سيرها محدد وواضح: إلى الأماكن التي يعتقد أنها خطيرة، الحراس المدنيين يختبؤون لتجنب أي خطر محتمل و في الوقت المناسب يحذرون رائد الصف. كما أن تنقل وحداتنا عبر كل التراب الجزائري وفي الأماكن الأكثر تقسيما ومراقبة، خصوصا في منطقة القبائل ـليلا ونهارا، يتم بأقصى ضمان وعناية و99 مرة على 100 في أمن تام.
من جهته فإن، المندوب السياسي (في معظم الأحيان يكون طالبا سابقا) يباشر إتصالاته، يجتمع مع أعضاء الهيئة المحلية لجبهة التحرير الوطني وعند الاقتضاء يواصل كتابة محاضره ليلقيها مساءا. الحالات المالية والمتعلقة بالعدالة، المشاكل الاجتماعية والثقافية يتم حلها.
في معظم الأحيان، تتوقف إطارات الوحدة في الدوار وضباطها يزورون تلاميذ المدارس، وعائلات المناضلين ويذهبون أحيانا في جولة إلى البساتين أو الحقول ليناقشوا مع فلاحينا، في مشاكل السقي، والثقافة.
ممرض الوحدة، هو أيضا يقدم خدمات للمرضى، خدمات جد مستحسنة.
بمجرد أن تقرر المجموعة استأنف السير لمواصلة مهمتها، فإن الآلة القوية المسبلين يطفقون في خدمة محرري الجزائر.
يعتبر المسبلون بمثابة دعم نصير لجيش التحرير الوطني، فهم أيضا يشاركون في الحرب ضد العسكر الفرنسيين ويتم تسلحيهم ببنادق الصيد.
كل إتصال بين شعبنا، ومسابلينا ومجاهدينا، يوثق عرى الأخوة بين الشعب، وحزبه وجيشه، كل اتصال يعمل على تقوية الطاقات، تقويم السجايا، إغناء العقول والقلوب لتحقيق انتصارات جديدة، نحو طريق الحرية الوطنية، والثورة الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الثقافية التي ستحضر لجزائر الغد الديمقراطية أين كل أبنائها دون تمييزـ وهذا بفضل الاستحقاق والإخلاص ـ سيعيشون أحرارا، متحدين، وسعداء.
بقلم محمد العربي بن مهيدي
ترجمة: ذهبية عبدالقادر