أكد عبد المجيد شيخي، مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالأرشيف الوطني والذاكرة الوطنية، أن موضوع كتابة التاريخ في الجزائر، وبناء الذاكرة الوطنية، يقتضي إشراك مصادر تاريخية، وثائق، تقارير وشهادات، وما علق في أذهان الناس من أشعار وأغاني، باعتبارها رصيد مهم في صناعة وبناء الذاكرة الوطنية.
دعا شيخي الباحثين والمثقفين إلى طرق باب الأرشيف الوطني، الذي يتوفر على وثائق وتقارير، توثق لمرحلة معينة من تاريخ الجزائر ، أعدها جنرالات وضباط فرنسيين، خلال الحقبة الاستعمارية للجزائر جمعت في 20 مجلدا، موضوعة في قاعة المطالعة في متناول الجميع.
جاء هذا على هامش الملتقى الوطني الأول الموسوم بمجازر 08 ماي 1945 في الذاكرة الوطنية،بجامعة البشير الإبراهيمي ببرج بوعريريج.
وأوضح المتحدث أن موضوع كتابة التاريخ وبناء الذاكرة الوطنية ،تطرح العديد من المسائل المرتبطة ببعضها البعض، لأن كتابة التاريخ تعتمد على المصادر والوثائق التاريخية، وما علق في الأذهان وفي ذاكرتهم، ولأن الذاكرة في كثير من الأحيان تفسر التاريخ ويحتاجها المؤرخ والباحث من أجل وضع تصور عام حول الأحداث التي وقعت.
وأشار شيخي، إلى الارتباط الوثيق بين التاريخ والذاكرة ، بإعتبار أن الأخيرة أوسع من الأولى وتشمل حسبه كل شيء ، فإذا كان المؤرخ يعتمد في كتابته على المناهج المرتبطة بكل موضوع، في حين أن الذاكرة لا تملك موضوعاً محددا، وهو ما جعل رئيس الجمهورية من ملف الذاكرة والتاريخ مقترنان ببعضهما البعض.
وقال: “لأنه على دراية، وفهم بواقع الصناعة التاريخية وحاجة المجتمع إلى تاريخ يَنْأَى عن كُلّ مُزايدة أو مُساومة ،ولا يمكن أن يهتز أو تعبث به الأيادي”.
وأضاف أن الإنسان يبحث عن الحقيقة التي هي في الواقع نسبية يقترب منها ولا يصل إليها.
وأشار أن إعادة تشكيل الواقعة التاريخية يعد أمرا عسيرا ومستحيلا ، لأن هناك عوامل تاريخية ضاعت، والذاكرة تساعد على جلب شيء منها.
وثمن تلك جهود ومبادرات، شغلت بال المؤرخين أمثال المرحوم جمال قنان، حول إنشاء مدرسة وطنية للتاريخ، تهتم بكتابة تاريخ يختلف عن تلك الكتابات النمطية التي جاءت بها المدرسة الفرنسية الكولونيالية،وفق منهجية وموضوعية معينة.
واستشهد بخلاف وقع في الحركة الوطنية وأدى إلى انسحاب المغاربة والتونسيين من نجم شمال إفريقيا، بسبب خلاف قانوني،حول الأرض والممتلكات التي نهبها الاستعمار خلال السياسة الاستعمارية التي قضت على الأخضر واليابس في الجزائر.
وقال إن معجزة الشعب الجزائري في كفاحه طيلة 132 سنة، ينبغي أن تدرس في إطار الذاكرة الوطنية واسترجاع مقومات الشخصية الوطنية ،مستذكرا كتابات الشاعر والأديب في ثلاثيات القرن الماضى”…يا ترى يأتيك يوما تزدهي فيه الحياة ..” وكانت إجابتها في بيان أول نوفمبر “أما نحن الواثقون من مشاعرنا المناهضة للاستعمار،فإننا نهِب لهذا الوطن أسمى ما نملك، وهي الروح.
وفي حديثه عن اتفاقية”إيفيان ” والأحداث التي ارتبطت بها من تفجيرات نووية،أوضح أن المفاوضين لم يكونوا مختصين في الذرة ،ومفهوم التجارب التي وردت في اتفاقية ايفيان اقترن في أذهانهم في تلك الفترة بتجارب مخبرية،وليست تجارب لقنبلة تلوث الأرض، الهواء والمكان.
وشدد شيخي على ضرورة إعادة القراءة لهذه الأحداث مع تحديد الهدف،و إثبات الباحث للجرائم التي وقعت في هذا البلد ومقارنة هذه الوثائق مع الذاكرة الشعبية لهذا الحدث، هي التي تساعد في الوصول الحقيقة.
وأضاف: “النظر أيضا إلى التقارير التي كتبها الفرنسيون ،وهي في متناول الباحثين إلى جانب أخذ الشعر الشعبي الذي يمثل رصيد للذاكرة الوطني، لذلك ينبغي الاستثمار فيها أيضا لإعادة بناء الذاكرة الوطنية”.