كشف الدكتور المختص في الطب النفسي، ميلود يبرير، عضو جمعية متحف فرانس فانون عن فتح متحف خاص بصديق الثورة الجزائرية الطبيب فرانس فانون، بالبليدة أمام الجمهور مطلع السنة المقبلة.
أوضح الدكتور يبرير في تصريح لـ واج، أن متحف الطبيب المختص في الأمراض العقلية، فرانس فانون، سيشكل فضاء هاما لحفظ وتخليد ذكرى هذه الشخصية المناضلة التي آمنت بحق الجزائريين في استرجاع استقلال بلادهم و العيش في كنف الحرية و الكرامة، وذلك بمناسبة الذكرى الـ61 لوفاته.
بهدف الحفاظ على ذكرى هذا الطبيب المختص في الأمراض العقلية والمفكر والكاتب المتميز ببشرته السمراء المولود يوم 20 جويلية 1925 بفور دو فرانس بجزيرة المارتينيك، ارتأت جمعية “متحف فرانس فانون” التي تأسست منذ نحو ست سنوات، فتح متحف خاص بهذا المناضل الذي اختار الجزائر وطنا ودافع عن قضيته إلى غاية وفاته في 6 ديسمبر 1961 بالولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضح الدكتور المختص في الطب النفسي، أن هذا المتحف الذي سيفتح أبوابه أمام محبي فرانس فانون، مطلع 2023، سيكون بالمنزل الوظيفي الذي كان يسكنه رفقة عائلته خلال فترة عمله بالمستشفى الواقع بوسط مدينة البليدة و الذي يحمل اسمه حاليا.
وأشار الدكتور يبرير، إلى استكمال أشغال صيانة هذا المنزل الذي استرجع منذ نحو ثلاث سنوات بعد شغله من طرف العديد من الأطباء الذين عملوا بهذا المستشفى، لافتا إلى حرص القائمين على هذه الأشغال على احترام الهندسة المعمارية الأصلية التي تتميز بالنوافذ الطويلة و السقف العالي وحرصهم أيضا على المحافظة على ديكور المنزل الأصلي.
ويضم المتحف عددا من مقتنيات هذا الطبيب الذي حمل لواء الدفاع عن الجزائريين، و العديد من مؤلفاته و مقالاته التي حاول من خلالها هذا المفكر الدفاع عن حق الشعوب في العيش في كنف الحرية و نشر الأفكار التي تنبذ العنصرية بكافة أشكالها.
إلى جانب وثائق تؤرخ لسيرته الذاتية لاسيما فيما تعلق بالجزء الخاص بحياته الذي كرسه للدفاع عن القضية الجزائرية و حق شعبها في استرداد حريته، وفقا للدكتور يبرير.
وضمن مساعي تخليد ذكرى فرانس فانون، الذي طالب الدول الاستعمارية من خلال مؤلفاته و مداخلاته بأن تفهم بان الاحترام و رد الاعتبار هي أمور تؤخذ بالقوة ولا تعطى بسهولة تحضر الجمعية أيضا لإطلاق مشروع “توثيق حياة المفكر فرانز فانون”، حسب المتحدث الذي عبر عن أمله في أن تلقى هذه المبادرة الدعم من خلال مدها بمختلف الوثائق التي تخص هذه الشخصية لضمان مصداقية أكثر في عملها.
مسيرة فانون في فيلم روائي
و كمبادرة أخرى لتخليد ذكرى هذا الطبيب الذي أحب الجزائر لدرجة جعلته يطلب أن يدفن في ترابها بعد وفاته، كشف المخرج عبد النور زحزاح عن استكمال مشاهد تصوير فيلم روائي يسرد فترة التحاق الطبيب المناضل بمنصب رئيس قسم بمستشفى الأمراض العقلية بالبليدة الذي يحمل اسمه حاليا و إلى غاية التحاقه بالثورة التحريرية في الفترة الممتدة بين 1953 و 1956.
و أضاف كاتب و مخرج هذا العمل السينمائي أن كافة مشاهد الفيلم صورت بمستشفى فرانس فانون ووستعرض في جوان المقبل على أقصى تقدير، لافتا إلى أن الممثل الفرنسي ألكسندر دوزان هو من قام بدور فرانس فانون، الشخصية الرئيسية للفيلم.
تشارك في هذا الفيلم الذي تتراوح مدته ما بين ساعة إلى ساعة ونصف، أسماء فنية على غرار رشيد بن علال وأمال كاتب، الى جانب الطبيب النفسي يبرير الذي سيقوم بدور سليمان الأصلح الذي عمل أيضا بالمستشفى نفسه، والذي كان ضحية اختطاف قصري من عيادته بالجزائر العاصمة في 1957.
وحاول مخرج الفيلم تسليط الضوء على الجانب الإنساني لفانون خصوصا عند استنتاجه و تأكيده بعد معالجته و احتكاكه بالمرضى الجزائريين، أن أبرز العوامل التي تسببت لهم في أمراض نفسية هي المستعمر الفرنسي الذي كان يتفنن في ممارسة العنصرية في حقهم ويحاول التقليل من شأنهم.
ويسرد الفيلم تضامن و تعاطف فانون مع القضية الوطنية، إذ يشرع في إسعاف المجاهدين بالمستشفى قبل انكشاف أمره من قبل السلطات الاستعمارية التي أمرت بطرده في 1956 لينتقل بعدها إلى تونس.
ويتطرق الفيلم أيضا إلى نشاطه الدبلوماسي بعد تعيينه كسفير للحكومة الجزائرية المؤقتة بغانا في 1960، وفقا للمخرج.
ولقد دافع فانون عن القضية الوطنية عبر مقالاته التي كان ينشرها في جريدة المجاهد بتونس التي كانت ممثلة لجبهة التحرير الوطني، و لكنه لم يعش نشوة و فرحة الاستقلال إذ وافته المنية قبل ذلك ولم يكن يتعدى الـ36 من العمر.
دفن جثمان الطبيب بمقبرة الشهداء بعين الكرمة بولاية الطارف شرق الجزائر، ولا تزال ذكراه راسخة في أذهان الجزائريين الذين لم ولن ينسوا جميع أصدقاء الجزائر، الذين دافعوا عن حقها في استرجاع حريتها.