لم تعدم فرنسا الاستعمارية وسيلة إلا واستخدمتها لإركاع الجزائريين والنيل من عزيمتهم خلال ثورة التحرير، وتشهد أجساد مئات الآلاف من الضحايا عن وحشية المستعمر، منهم من استشهد، ومنهم من بقي جسده شاهدا على جريمة فرنسا في الجزائر، ولم يسلم من وحشيتها الأطفال.
من بين ضحايا الألغام إبان الثورة التحريرية الطفل أو ما يعرف بالشهيد الحي محمد جوادي المدعو لمين، الذي أصيب في أنحاء مختلفة من جسده في انفجار لغم تحت الشاحنة التي كان بعض القرويين يركبونها في رحلة من قرية اليانة إلى زريبة الوادي ولاية بسكرة.
حدث ذلك في شهر أوت 1959، استشهد خلالها المواطن احمد بن إسماعيل، الذي دفن في مكان الحادث ولم يعثر على رفاته بعد الاستقلال، وأصيب البقية بجروح وحروق متفاوتة الخطورة من بينهم محمد جوادي، الذي حول إلى مستشفى لافيجري سابقا ، حكيم سعدان حاليا.
يروي المجاهد محمد جوادي، الذي بقي في المستشفى سنتين، أن الممرضين الذين اشرفوا على علاجه أكدوا أن حالته ميؤوس منها وأنه ميت لا محالة نتيجة تعفن الجروح والحروق التي مست أجزاء كبيرة من جسده، والتي بدأ الدود في نهشها ورغم خروجه من المستشفى في 15جانفي 1961 لم تندمل جروحه.
ويضيف في حديث لـ “ذاكرة الشعب”، أنه بعد استرجاع السيادة الوطنية أجرى عمليتين سنتي 1980و1981بفرنسا لاستخراج بقايا اللغم، الذي غرس في أنحاء متفرقة من جسده، لكن بعد أكثر من ستين اكتشف الأطباء في مصحة خاصة ببسكرة وجود بقايا شظايا جزئية في كبد الضحية بعد عملية مراقبة طبية اثر عملية جراحية لاستئصال ورم سرطاني من القولون.
حسب الأطباء، هذه الشظايا الصغيرة جدا لم تؤثر على سلامة الكبد، لكنها تؤرخ لبشاعة مستعمر ولعار سيظل يلاحق فرنسا ويلطخ ما تبقى من سمعة مزعومة، يقول جوادي الذي يرأس حاليا الجمعية الوطنية لضحايا الألغام.