أكد باحثون ومجاهدون أن الشهيد مراد ديدوش، شخصية مميزة في مسار قيادة الثورة، وهو أصغر شاب في مجموعة الستة التاريخية، الذين فجروا الثورة.
تخرج مراد ديدوش، من مدرسة محمد بلوزداد ومدرسة الرشاد، التي كونت أول جيل في العمل الثوري الميداني، تنبه في سن مبكرة لضرورة الشروع في العمل العسكري واستطاع أن يهندس للعمل الثوري وينظمه من العاصمة والمدية إلى قسنطينة وفرنسا بإعادة هيكلة وتنظيم فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا.
هذا ما أكده محاضرون في ندوة تاريخية نظمتها جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع جريدة المجاهد، اليوم، في إطار منتدى الذاكرة بمناسبة الذكرى الـ68 لاستشهاد هذا البطل الرمز الذي ما تزال أجيال اليوم تستذكر بطولاته.
وأبرز المحاضرون أن الشهيد عندما سافر إلى فرنسا إلتقى محمد بوضياف، وهناك إطلع على كل حركات التحرر العالمية التي كانت تنشط في باريس، خاصة نشطاء حقوق الإنسان في تلك الفترة، وأدى دورا بارزا في إعادة تنظيم وهيكلة الجالية الجزائرية.
وأشارت الشهادات إلى أن ديدوش نظم مظاهرات مع أبناء الجالية الجزائرية في فرنسا في 14 جويلية 1953، ورفعت فيها الراية الوطنية، ما أسفر عن استشهاد ست مناضلين برصاص الشرطة الفرنسية التي جنت عندما شاهدت العلم الجزائري.
وتوضح شهادات المجاهدين أن قيادة الثورة طلبت من ديدوش ومحمد بوضياف الدخول إلى الجزائر للتحضير للثورة، وكان للشهيد الفضل في تأسيس اللجنة الثورية للوحدة والعمل في 1954، وهو الذي هندس إجتماع مجموعة الـ22 في منزل إلياس دريش وكيفية الدخول والخروج، لأنه كان استيراتيجيا كبيرا وصاحب ذكاء خارق في التخطيط، اكتسبه من الكتب والمجلات التي تتناول استيراتيجيات الثورة.
وأكدوا أن لديدوش الفضل الكبير في كتابة وثيقة بيان أول نوفمبر مع محمد بوضياف والعيشاوي، وهي وثيقة وحدت الجزائريين ووضعت استيراتيجية دولة وأعطت مفهوما للهوية الجزائرية، والتاريخ ومبادئ وأهداف الثورة وكيفية هيكلتها، وهي وثيقة لا تتجاوز 685 كلمة في 9 فقرات، وذلك انطلاق من لوائح قرارات مؤتمر حركة الإنتصار للحريات الديمقراطية، ووظف البيان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي استنبط منه 12 مادة، و22 مادة من ميثاق الأمم المتحدة.
وأجمعت تدخلات الحاضرين منهم المجاهد محمد غفير، المدعو موح كليشي، على أن الشهيد هو ذاكرة الثورة، والدليل مقولته الشهيرة: “إذا استشهدنا فحافظوا على ذاكراتنا”.
قال الدكتور سعيد صاغور، مستشار بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن كل شاب يجب أن يكون له رمز ثوري يقتدي به، وأضاف انه مهما تكلمنا عن مراد ديدوش فإننا لا نفيه حقه، فهو يرمز للشهادة الصادقة وقال: ” عندما نقرأ سيرة الشهيد النضالية، نستشعر حبه للإستشهاد من اجل حرية الجزائر”.
وصف محمد كرسي، المدير العام لجريدة المجاهد، هذه الأخيرة بأنها نافذة مفتوحة دائما على التاريخ، وأكد أن التاريخ هو الإسمنت لبناء الجزائر الجديدة. وقال: ” عندما نتكلم عن الشهيد مراد ديدوش، صاحب المقولة الشهيرة “دافعوا عن ذاكراتنا” لا يعني التذكير بالشخص، بل العمل بمصطلحات علمية وتاريخية على أحداث تاريخية للدفاع عن ذاكرتنا من التزييف ومحاولة تشويهها من أطراف حاقدة بالداخل والخارج بالترويج لخطاب متطرف”.
وأضاف: “علينا أن نبقى حذرين ونواجههم بالأدلة والوثائق التاريخية. حان الوقت لتقديم قراءة تاريخية علمية تنطلق من واقعنا ورؤيتنا، الدفاع عن ذاكراتنا يكون بتحسين سلوكنا في كل الفضاءات ومتصرف كمواطنين حضارين”.
وأشارت المجاهدة صليحة جفال، عضو الأمانة الوطنية للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، إلى “اننا لم نعط الشهداء والمجاهدين حقهم”، وقالت: ” يجب الحفاظ على الروح الوطنية ومسؤوليتنا كبيرة كمجاهدين، قصرنا قليلا ولم نكن أوفياء مع شهداءنا”.
وأشاد رئيس الفيدرالية الوطنية لأبناء الشهداء، محفوظ طيلب، بمجهودات جمعية مشعل الشهيد في الحفاظ على الذاكرة الوطنية، وشبهها بأنها مؤسسة تاريخية ومؤسسة ذاكرة وطنية، وأكد أن الفيدرالية تسير في مسعى التكفل وتبليغ ما تركه أجدادنا شهداء المقاومة الشعبية وثورة التحرير الوطني لشباب اليوم.