تحيي الجزائر، اليوم السبت، ذكرى اليوم الوطني للشهيد في سياق مواصلة تجسيد معالم المشروع الوطني لبناء جمهورية جديدة قوية بمؤسساتها، وفية لرسالة الشهداء وملتزمة بالخط الذي رسمته ثورة أول نوفمبر المجيدة.
إحياء اليوم الوطني للشهيد فرصة لاستذكار المحطات الهامة، التي تزخر بها الذاكرة الوطنية والتضحيات الجسام للشهداء والمجاهدين، وتمكين الأجيال الصاعدة من الاطلاع على ما ارتكبه الاستعمار الفرنسي من جرائم في حق هذه الأمة طيلة 132 سنة.
يتزامن مع الاحتفالات المخلدة لستينية استرجاع السيادة الوطنية، التي شكلت محطة هامة لتقييم ما أنجز منذ الاستقلال في عديد المجالات، و استشراف معالم الجزائر الجديدة، المتمسكة بتاريخها المجيد والمنفتحة على العصرنة والحداثة.
وكان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد أكد في مناسبات سابقة على ضرورة منح الذاكرة الوطنية بأبعادها الوطنية مكانتها اللائقة وذلك بتنظيم المسابقات ذات البعد الوطني في الأوساط التربوية لترسيخ الروح الوطنية بطريقة بيداغوجية، بالتنسيق بين وزارات المجاهدين، التربية، التعليم العالي، التكوين والثقافة.
وتجسيدا لتعليمات رئيس الجمهورية، بضرورة ايلاء التاريخ الوطني المكانة التي يستحقها، تعمل وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، على إعداد سلسلة من النصوص التشريعية تندرج في هذا الإطار من بينها مشروع قانون يتعلق بترسيم أيام وطنية مرتبطة بالمقاومة الشعبية والحركة الوطنية وثورة نوفمبر المجيدة.
و تعكف أيضا على مراجعة العديد من المواد، التي يتضمنها قانون الشهيد والمجاهد، بإثرائه حتى يتماشى والمتطلبات الراهنة و يستجيب لتطلعات هذه الشريحة، التي صنعت لبلادها تاريخا استثنائيا يعد نبراسا للشعوب التواقة إلى الانعتاق والحرية.
من جهة أخرى، توج مجهود الاهتمام بالذاكرة الوطنية خلال السنوات الأخيرة بتحقيق العديد من المكاسب من بينها قرار رئيس الجمهورية بترسيم تاريخ الثامن ماي يوما وطنيا للذاكرة، تخليدا لذكرى 45 ألف شهيد سقطوا طلبا للحرية والاستقلال بكل من سطيف، قالمة وخراطة ومدن أخرى من الوطن في واحدة من أبشع جرائم الاستعمار الفرنسي بالجزائر.
وفي هذا الإطار رسم الوقوف دقيقة صمت، سنويا عبر الجزائر، ترحما على أرواح شهداء مجازر 17 أكتوبر 1961 بالعاصمة الفرنسية باريس في خطوة تهدف إلى تثمين تضحيات أبناء الجالية الجزائرية بالمهجر ومساهمتهم في استقلال بلادهم.
وفي إطار الجهود الرامية إلى المحافظة على الذاكرة الوطنية، استعادت الجزائر رفات 24 شهيدا من شهداء المقاومة الشعبية ورفقائهم من مختلف مناطق البلاد من متحف بباريس، ليدفنوا إكراما وصونا لحرمتهم في أديم الأرض، التي استشهدوا من أجلها وتغربوا في سبيلها.
وحرصا منه على ربط الأجيال الصاعدة بالذاكرة الوطنية وتضحيات أسلافهم، كان رئيس الجمهورية قد دشن يوم 5 جويلية 2021 جدارية فنية بالجزائر العاصمة تخلد ذكرى الجزائريين، الذين نفتهم الإدارة الإستعمارية الفرنسية إلى مناطق عديدة في العالم طوال فترة الاحتلال، تعبر الجدارية عن عرفان الجزائريين ووفائهم لإخوانهم الذين هجروا قصرا.
وكانت الذكرى الـ60 لاسترجاع السيادة الوطنية مناسبة أيضا للتنويه بجهود وتضحيات كل من وقف إلى جانب الثورة الجزائرية من مختلف الجنسيات واعطاها البعد الإنساني والعالمي بإشراف الرئيس تبون، على تدشين معلم “أصدقاء الثورة الجزائرية”.
وتترجم كل هذه المكاسب الإرادة القوية للدولة الجزائرية في المضي قدما نحو الحفاظ على الذاكرة الوطنية وترسيخها لدى الأجيال الصاعدة تعزيزا للروح الوطنية، التي تشكل مرتكزا هاما في مسار بناء الجزائر الجديدة.