يبرز كتاب “المرأة الجزائرية، الجندي المجهول” الصادر مؤخرا عن المركز الوطني للوثائق والصحافة والصورة والإعلام الدور الكبير، الذي أدته المرأة الجزائرية عبر التاريخ وخصوصا في مقاومة المستعمر الفرنسي.
يسلط الكتاب، ومن خلال مجموعة من الصور الأرشيفية والنصوص، الضوء على كفاح المرأة الجزائرية عبر التاريخ وخصوصا ضد المستعمر الفرنسي ودورها الحيوي في الحفاظ على العادات والتقاليد والشخصية الدينية الإسلامية وهوية الشعب الجزائري.
يتطرق الإصدار أساسا للدور الرائد للنساء الجزائريات في مقاومة المستعمر الفرنسي إبان الثورة التحريرية، لما قدمن من صور ناصعة للمرأة الحرة الأبية، فكن مجاهدات وفدائيات ومسبلات ومناضلات وأسمعن صوتهن العالم أجمع وكن مثالا حيا لكل نساء العالم.
هذا الإصدار هو أيضا بمثابة وقفة تأمل للجزائر المكافحة من خلال حضور المرأة في النضال، لما وقفت بشجاعة فذة إلى جانب الرجل في وجه المستعمر، فشاركت في تموين الثورة وجمع الأموال والمعلومات وتطبيب المرضى والجرحى والجهاد بالسلاح، وصمدت أيضا في السجون والمعتقلات وفي مواجهة التعذيب.
جميلة بوباشا، حسيبة بن بوعلي، جميلة بوحيرد، زهرة ظريف، جميلة بوعزة، ومريم بوعتورة وأخريات عبر مختلف ربوع الوطن هن نساء بطلات صنعن المجد في الجزائر وخارجها ونضالهن هو جزء لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية للأمة، كما أنه تراث مشترك ساهم بقسط وافر في إحلال جزائر حرة ومستقلة تشكل مفخرة للجميع.
يضم الكتاب العديد من السير الذاتية المختصرة لهؤلاء البطلات مع صور وشهادات شخصية لهن، ولم ينس الإصدار أيضا تذكر نساء أجنبيات، من أصول أوروبية، اخترن نصرة القضية الجزائرية العادلة فضحين بأنفسهن وحياتهن من أجلها كجاكلين قروج، وجانيت بلخوجة وآني ستينر.
هذا الكتاب وثيقة تاريخية حية تساعد أيضا في كتابة تاريخ الجزائر بشكل عام، خصوصا أن أغلب النساء المجاهدات لم يسجلن أو يكتبن مسارهن النضالي ليبقى تاريخهن، الذي صنعته غير معروف رغم أنه ركيزة للذاكرة، فالكتاب هو بمثابة تكريم لهن وشهادة عرفان وتقدير.
يستحضر هذا الإصدار أيضا خصال الجزائريات عبر التاريخ، نساء كان لهن، بما أظهرنه من صبر وتفان وتواضع، باع كبير في الحفاظ على الشخصية الوطنية وصون واستمرار القيم والعادات العريقة للجزائريين، والتي حفظت الشعور بالانتماء المشترك وتوارثه الأجيال.
وأنجز هذا الكتاب، الصادر في 159 صفحة، اعتمادا على مجموعة وثائق وصور بالأبيض والأسود من أرشيف المركز الوطني للوثائق والصحافة والصورة والإعلام، بمناسبة ستينية استرجاع السيادة الوطنية.