مستغانم أو مسك الغنائم، كانت موطنا لقبائل زناتة حتى وصول الهلاليين والمرابطين، يُذكر أنها كانت في القرن الثالث الهجري تحت حكم الأدارسة في عهد إبراهيم بن محمد بن سليمان.
يشير الأستاذ عبد القادر بن عيسى، في كتابه”مستغانم وأحوازها عبر العصور، تاريخ أهالي مستغانم لمارسيل بودان”، والأستاذ حمزة بن عبد الرحيم سي فضيل، في مؤلفه”مستغانم من خلال المؤلفات والرحالة”، أن مستغانم آلت إلى الزيانيين من تلمسان ثم المرينيين من فاس، عارضت المدينة الاحتلال بما في ذلك الرومان، الأتراك، الفرنسيون والإسبان.
يقول ابن خلدون إن مستغانم كانت موجودة في حدود القرن الخامس الهجري، وكانت موجودة في الجاهلية بتسمية كارتنا، وتذكر المصادر التاريخية أن مستغانم، مدينة قديمة كانت قبل دخول الرومان كانت تسمى موريسطاقا، تعرضت لزلزال عنيف جعل الرومان يعيدون تدشينها في عهد الملك غاليان، ثم أسموها كارتنا، وسميت مشتى غانم ومسك الغنائم ومرسى غانم.
تتألف كلمة مستغانم، من كلمتين مختلفتين مشتى-محطة شتوية وغانم مربي الأغنام، ويرى بعض المؤرخين أن الكلمة تتألف من مرسى وغانم معناه مرسى الغنيمة، ويرى آخرون أنها تعني مسك الغنم، أي وفرة قطيع الأغنام، لكن أهم تعريف يتعلق باسم ميناء روماني موريستافا muristaga.
ومستغانم، أصلها مشتى غانم، أي مكان قضاء فصل الشتاء لهذا الجد وأحفاده، ويذكر أن الولي سيدي عبد الله، كان له بالمطمر أكواخا، والتي يقيم بها الرحالة في فصل الشتاء، ويختلف في أصل ومعنى هذا الإسم لكن المستغانميين يفضلون إرجاعه إلى التسمية العربية “مسك الغنائم”، مثلما يؤكده الباحث، بن صالح قادة مبروك.
وتشير الروايات إلى أن مستغانم، نسبت إلى غانم أحد الشخصيات، ولم يكن هناك رواية قاطعة لمعرفة الاسم الأصلي لهذه المدينة.
ويقول الباحث بن صالح، إن الموقع كان مأهولا وموطنا للقبائل البربرية، حتى وصول الهلاليين والمرابطين وكانت موجودة في القرن 3 هجري، تحت حكم الأدارسة في عهد إبراهيم بن محمد بن سليمان، واستطاع المرابطون في عهد يوسف بن تاشفين، ضمها إلى مملكتهم في أواخر القرن 7 و8 هجري، كانت خاضعة لسلطان الدولة المرينية، ولمستغانم قصة معروفة على نطاق واسع، حسب بعض المؤرخين، فقد أعيد بناؤها بعد الإسلام بقيادة سيدي عبد الله الخطابي الإدريسي، والي مجاهر وأول سكان المنطقة هو مؤسس مدينة مستغانم.
وسيدي عبد الله، هو المرابط والمجاهد والمؤسس، الذي عمر مدينة مستغانم، وبوادي مجاهر أثناء التجوال بمستغانم، هناك مشاهد لأماكن وجدت فيها بقايا يرجع تاريخها إلى الطور الحجري المنحوت والى الطور الحجري المصقول.
تعاقب على حكمها الكثير من الملوك والأمراء، فتحها العثمانيون في القرن الـ16م، تولى مصطفى بوشلاغم، الحكم وجعلها عاصمة لبيلك الغرب الجزائري، كانت مستغانم موقعا بحريا حصينا، لذا حرصت القوات الفرنسية على احتلاله في هجوم في جويلية 1833، خوفا من سقوط المدينة في يد الأمير عبد القادر.
حاضرة العلم والأدب
تعد مستغانم، حاضرة من حواضر العلم والأدب في الغرب الجزائري، أنجبت أعلام وعلماء واشتهرت بعائلات عريقة في العلم والدين والأدب، وبحيها العربي العتيق-تجديدت- الذي كان فضاء لحركة علمية وثقافية نشيطة.
أنجبت العديد من العلماء والمفكرين، منهم ابن شاعة الزروالي، تلميذ سيدي أحمد بن يوسف الراشدي، ثم الملياني والشيخ بلقاسم بوعسرية، المدعو بن صابر، والشاعر الأخضر بن خلوف، شاعر الحضرة النبوية المغراوي، والمؤرخ لمعركة مزغران، ضد الإسبان وسيدي عبد الله بن خطاب، وأبناؤه كسيدي يوسف بن ذهبية، وسيدي الشارف بن سيدي عبد الله الخطابي بسيرات، وسيدي العجال وسيدي العربي بلطرش، وسيدي عدة الحاج بالسوافلية، وسيدي يوسف دفين المطمر، وسيدي الشريف، جد شرفاء عين بودينار سدي عبد الله.
الزوايا ملتقى الفقهاء والعلماء
وكانت مستغانم، مجمع العلماء وملتقى المتحدثين والفقهاء ومرتاد كل طالب علم بالزاوية السنوسية التكوكية بالعرعار، قرب أولاد شافع وزاوية سيدي حمو الشيخ البوزيدي، وحفيده القائم عليها الشيخ عبد القادر بن طه المكنى دحاح، والزاوية العلاوية للشيخ مصطفى بن عليوة، وزاوية سيدي قدور بن سليمان وزاوية الشيخ بالأحول القادرية، قرب وادي الخير.
وقد تجمع فحول العلماء وأئمة العلم بالحركة الصوفية، وانتشرت بها مدارس القرآن والحديث والفقه واللغة.
ومن المعالم الأثرية والتاريخية التي تزخر بها مستغانم، نجد مدينة كيزة الفينيقية بسيدي بلعطار، مغارة ماسرى، العامود التذكاري مزغران، الحمام المعدني عين النويصي، مرسى الحجاج الروماني، موقع ما قبل التاريخ أولاد أرياح، منارة عبد المالك، الأبواب القديمة، أسوار المدينة الأثرية، البرج الشرقي، باب العرصة.
وأيضا الحدائق والأشجار، منابع المياه بعين تادلس، والسور وعين بودينار، أثار مدينة صور العتيقة، برج الإتصال القديم بأولاد بوراس، مغارات السور، المدينة وضواحيها، قبب الأولياء، قصر الباي محمد الكبير، ضريح الباي بوشلاغم، حي الدرب، حي الطبانة، حي المطمر، حي تيجيت، دار القايد، برج المهال، المسجد الكبير القديم.