تعود الذكرى الـ65 لإستشهاد البطل عبد الرحمن طالب، الطالب الكيميائي الذي أربك الإدارة الإستعمارية وحيرها بعبقريته، اليوم.
ولد الشهيد طالب عبد الرحمن، في 03 مارس 1930 في حي القصبة بالجزائر العاصمة بشارع سيدي رمضان، تربى في أحضان عائلة متواضعة بسيطة كغيرها من العائلات الفقيرة، التي ضحت بالنفس والنفيس من أجل جزائر الحرية والسيادة.
تابع الشهيد دراسته الابتدائية في مدرسة “ساروى” بحي سوسطارة الشعبي وبعدها متوسطة “جينام “، حيث أبدى فيها تفوقا ملحوظا وحاز على الشهادة الابتدائية والأهلية.
بعد ذلك واصل تعليمه في المؤسسات الخاصة حيث تعلم اللغة الالمانية وأتقنها في 1951، فاز في امتحان الدخول إلى الجامعة وسجل في كلية العلوم لتحضير ليسانس في الكيمياء، بعد أن رفض الذهاب إلى فرنسا لمتابعة دراسته هناك.
عند اندلاع الثورة التحريرية اتصل طالب عبد الرحمن، بقيادة الولاية الثالثة وذلك بوساطة أحد أصدقائه، فعرض على القيادة مشاريعه لتنظيم خلية صنع متفجرات وبموافقة القيادة أنشأ مخبرا في “5 شارع ليزواف” لتزويد المجاهدين بقنابل متفجرة.
هذا المخبر كان يموله جيش التحرير الوطني، قدم خدمات عديدة حيث استغل معارفه شبه الطبية للحصول على الحقن ومداواة المواطنين.
في 1956 توسعت المخابر الكيمياوية لصناعة المتفجرات وأدمج عبد الرحمن، في فرقتين تتكون الاولى من رشيد كواش، وعناصر أخرى تعمل بالأبيار، والفرقة الاخرى فتعمل في شارع “جرينات“.
كانت الوسائل جد قليلة وبسيطة لصناعة المتفجرات منها أسلاك حديدية، منبهات، قطع خشبية، قارورات إضافة إلى تجهيز متواضع للمخابر ورغم ذلك فقد جرب طالب عبد الرحمن، خليطا جديدا، لم يكن مستعملا من قبل.
وفي 19 ماي 1956 شارك الشهيد في الإضراب العام للطلبة وتخلى عن متابعة دروسه حيث كرس وقته وطاقته للمخبر من أجل القضية الجزائرية .
في 15 أكتوبر وقع انفجار “بفيلة الورود” أدى الى مقتل رشيد كواش، الأمر الذي سمح للسلطات الاستعمارية باكتشاف المخبر الموجود بالأبيار وبهذا تأكدت مصالح الأمن الفرنسية أن القنابل من صنع أيادي جزائرية، ففتحت تحقيقا في الموضوع بالتركيز على الطلبة الدارسين بكلية العلوم وعن طريق مراجعة ومراقبة دفتر الحضور.
تأكدت السلطات الفرنسية من علاقة عبد الرحمن طالب، بالمخابر الكيمياوية، قرر الشهيد الفرار من الجهاز البوليسي الذي كان يطارده، والتحق بمجلس الولاية الرابعة وباشر عملياته العسكرية الأولى كملازم في صفوف جيش التحرير الوطني بمتيجة وأقام قيادته العامة بجبال شريعة.
ألقي القبض على البطل عبد الرحمان، في كمين نصبته القوات الاستعمارية الفرنسية عندما كان متوجها إلى البليدة، وفي 13 جويلية 1957 أذاقه جلادو الاستعمار أشد أنواع التعذيب والتنكيل بـ “حوش برين” ثم بالأبيار والجزائر العاصمة.
ولم تتحصل السلطات الاستعمارية على أية معلومات، حيث تحمل الشهيد مسؤولية كل العمليات والاغتيالات التي استعملت فيها القنابل، بعد ذلك سجن بسجن “بارباروس” وحكم عليه بالإعدام للمرة الثالثة وفي 24 افريل 1958 وعلى الساعة الثالثة أعدم في ساحة سجن بربروس.
لقد كان طالب عبد الرحمن مثلا أعلى للأجيال يقتدى به في التضحية والتفاني في خدمة الوطن والذود عنه .