وقعت في البليدة إبان الثورة التحريرية معارك عديدة كبدت المستعمر الفرنسي خسائر مادية وبشرية معتبرة أشهرها معركة “القهاليز”، التي وقعت في 6 ماي 1956 بأعالي مدينة مفتاح.
انتهت المعركة بخسارة الجيش الفرنسي لقرابة 400 جنديا و كمية معتبرة من السلاح، الذي استولى عليه المجاهدون، مثلما أوضحته المديرية المحلية للمجاهدين و ذوي الحقوق،عشية الذكرى 67 لهذه المعركة.
وحسب وثائق سلمتها المديرية لـ وأج، يتضمن التاريخ الثوري للولاية فإنمعارك عديدة وقعت أثناء الثورة التحريرية تمكن خلالها المجاهدون من تحقيق النصر على الجيش الفرنسي منها معركة “القهاليز” التي وقعت يوم 6 ماي 1956 بالتزامن مع الأسبوع الأخير من شهر رمضان ،حقق المجاهدون فوزا كبيرا انتهى بالقضاء على 375 جنديا فرنسيا و استشهاد اثنين فقط من بين 120 مجاهدا شاركوا في هذه المعركة.
وتعود وقائع المعركة إلى تحضير الجيش الفرنسي لنصب كمين للمجاهدين بقرية “القهاليز”، الواقعة أعالي مدينة مفتاح بعد ورود معلومات مفادها تزايد كميات الخبز الموزعة على القرية، ما أثار شكوك المخابرات الفرنسية التي خططت للإيقاع بهم.
وبعد بلوغ هذه المعلومات للكوموندو علي خوجة،عقد جمعية عامة لسكان القرية ببيت الشهيد عمار مشري، تطرق خلالها لنقاط عديدة أبرزها تحديد مسؤولين أكفاء للإشراف على مهمة توزيع المؤونة و الحراسة و في اليوم الموالي عاد علي خوجة، رفقة 40 مجاهدا لنصب كمين للعدو الفرنسي وكان بحوزتهم مدفع رشاش ورشاش مات 49 و بعض الأسلحة الحربية، وفقا للمصدر ذاته.
وبعد يومين من هذا الاجتماع وصل حوالي 45 جنديا فرنسيا إلى منزل الشهيد عمار مشري، في حدود الساعة السابعة صباحا ، كان المجاهدون في انتظارهم لتنطلق أولى شرارة هذه المعركة، التي انتهت فصولها الأولى بتحقيق النصر و إبادة أغلبية الجنود الفرنسيين في حين تمكن خمسة منهم من الفرار نحو الثكنة، ثم عززت القوات الفرنسية جيشها بقوة أخرى لاستئناف القتال.
وبدورها دعمت مجموعة المجاهدين كتيبة أخرى مكونة من 80 مجاهدا بقيادة عمر حيشم، وتواصلت المعركة مدة ثلاثة أيام تساقطت خلالها أمطار غزيرة و عم الضباب الكثيف لتنتهي بمقتل 375 جنديا فرنسيا و جرح 70 آخرين فيما خسر جيش التحرير الوطني الشهدين محمد علاق و التونسي.
الأحوال الجوية ساعدت المجاهدين
و أكد الأستاذ الباحث المهتم بالتاريخ الثوري بمدينة مفتاح نور الدين عمروش، ل /أج أن انتشار الضباب و التساقط المعتبر للأمطار ساعد كثيرا المجاهدين على تحقيق النصر بسبب معرفتهم لتضاريس هذه المنطقة الجبلية عكس الطرف الفرنسي.
و قال الباحث،أن العديد من الجنود الفرنسيين قتلوا بنيران أصدقائهم،الذين كانوا يطلقون الرصاص بشكل عشوائي بسبب انتشار الضباب ما صعب من الرؤية و تحديد الأهداف وهو الأمر الذي استغله المجاهدون للاستيلاء على عدد معتبر من الأسلحة ،التي استعملت لاحقا خلال مختلف الاشتباكات و المعارك التي خاضوها ضد المستعمر الفرنسي.
اعتادت قوات المحتل الفرنسي عقب كل هزيمة تتكبدها أمام جيش التحرير بالرغم من تجنيدها لإمكانيات مادية و بشرية معتبرة، الانتقام من المدنيين العزل ما دفع بسكان هذه القرية إلى مغادرة منازلهم خوفا من غدر و انتقام الجيش الفرنسي ففروا نحو مدينة مفتاح و المدن المجاورة لها.
و بالرغم من ذلك ارتكب الجيش الفرنسي بعد مرور أربعة أيام من وقوع المعركة و بتاريخ 10 ماي 1956 مجزرة بمدينة مفتاح، انتقاما من مقتل الجنود خلال هذه المعركة، فأطلق النار بشكل عشوائي على المدنيين الجزائريين ،الذين كانوا يحضرون للاحتفال بعيد الفطر، فاستشهد عدد معتبر منهم، ودمر القرية و جعلها منطقة محرمة، مثلما أكده عمروش.
و بعد نيل الاستقلال، دبت الحياة مرة أخرى بهذه القرية الموجودة عند مدخل بلدية الجبابرة ،الجبلية ليبقى النصب التذكاري المخلد لهذه المعركة شاهدا على خيبة فرنسا و فشلها في هزيمة مجموعة من المجاهدين الشجعان، الذين واجهوها بأسلحة لا تضاهي تلك التي كان يتوفر عليها العدو، زادها قوة إيمانهم بقضيتهم العادلة و اصرارهم على تحقيق حرية الجزائر.