يعد السينمائي رونيه فوتييه، أحد رواد السينما الجزائرية المعادية للاستعمار من خلال نقل كفاح الجزائريين ضد الاستعمار و معاناتهم اليومية من القهر و الظلم.
سلط الأستاذ الطيب ولد العروسي، من معهد العالم العربي باريس بفرنسا، الضوء على تجربة السينمائي رونيه فوتييه، خلال الملتقى الدولي “المقاومة الثقافية في الجزائر خلال الثورة التحريرية” المنظم بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال.
وقال:” إن فوتييه، بطل عملاق تفنن في تقنيات الكاميرا كسلاح تجاوز به حدود المكان والزمان، يحدوه الالتزام بخدمة قضية عادلة، وقد تحدى الكثير من أقرانه ومواطنيه، الذين كانوا في المقابل يعملون على إبقاء الجزائر فرنسية بقوة الحديد والنار، بينما كان سلاحه هو كاميرته التي عانقت بطولات المقاومة الجزائرية، وكشفت فظاعة الاستعمار“.
وأضاف ولد العروسي، بأن فوتييه, منذ التزامه بنقل صورة الجزائر المكافحة تحمل رقابة الآلة العسكرية وجهاز قانونها، كاشفا المسكوت عنه من مجازر وتجاوزات وحشية وهمجية، أظهر فيها حجم المعاناة التي يتخبط فيها شعب ثار من أجل استرداد حقوقه وأرضه المغتصبة لمدة قرن ونصف القرن من الزمن.
وأشار المحاضر، إلى أنه استند في بحثه عن سيرة مسار رونيه فوتييه، إلى كتاب السيرة المهنية والإنسانية التي ألفها المخرج عن تجربته بعنوان “كاميرا وطنية” (1998)، وهو كتاب يعطي صورة حقيقية عن ظروف العمل في المناطق الخطرة حيث تهديدات المستعمر الفرنسي وحيث واجه الثوار مصائرهم بشجاعة وصبر.
وأشار إلى رونيه فوتييه، انتبه إلى أهمية الصورة ودورها في كتابة التاريخ وتسجيل الأحداث، وقال:” في الوقت الذي كانت فيه الكتابات الكولونيالية تنظر إلى الجزائري على أنه مجرد فرد بلا معنى، يأتي فوتييه، ليبرز الدور الحقيقي للإنسان الجزائري عبر أفلامه حيث استطاع أن يوصل الرسالة التي تأسست عليها الثورة“.
واعتبر الأستاذ ولد العروسي، بأن الحديث عن فوتييه، هو مناسبة أيضا للحديث عن كل الاجانب والاوروبيين الاخرين، الذين ناصروا الثورة التحريرية من أمثال المحامي هنري علاق، و فيرنان إيفتون، وغيرهم من الأجانب الذي ساندوا الثورة ودفعوا عنها بشتى الوسائل دون تردد أو خوف من المضايقات الفرنسية اتجاههم أو اتجاه ذويهم.
وفي محاضرة أخرى حول “دور رواة القصص الشعبي المحترفين (المداحين) في التحريض على الثورة ومقاومة الثقافة الاستعمارية”، ألقاها الدكتور عبد الحميد بورايو، أوضح أن الثقافة الشعبية الجزائرية عرفت منذ القدم وجود فئة من المجتمع عرفوا بـ “المداحين” أو الرواة المحترفون، الذين اتسعت رقعة نشاطهم في الفترة الاستعمارية خاصة في النصف الأول من القرن العشرين، حيث أدت هذه الفئة دورا أساسيا في تهيئة المواطنين للمقاومة والثورة.
ويعرف بورايو، المداحين بأنهم أشخاص كانوا يرتادون الأماكن العامة والأسواق الأسبوعية في القرى والمدن ولهم جمهور مكون من الأطفال والشباب والبالغين من الرجال، يقيمون حلقات يمارسون فيها رواية قصص تستند على حوادث تاريخية في منطقة شمال إفريقيا، تروى بإسقاط مضامينها على الصراع القائم بين الجزائريين و النظام الاستعماري.