يرى مختصون ومجاهدون، بأن الدار التي إحتضنت إجتماع لقرين الشهير، تعد معلما هاما يذكر ويؤرخ لمحطة حاسمة في تاريخ الثورة التحريرية.
إستمد إسمه من مشتة لقرين ببلدية أولاد فاضل، بولاية باتنة بأيام قليلة قبيل الفاتح نوفمبر 1954 ، و تحول هذا المكان المعروف بدار المجاهد المتوفي عبد الله بن مسعودة، المدعو مزيطي، إلى متحف للذاكرة وهو الذي احتضن آخر الاجتماعات التي مهدت لتفجير الثورة التحريرية.
مازال بيت لقرين، يحتفظ بمعالمه التي يظهر جليا طرازها التقليدي القديم الذي يعتمد على الحجارة في البناء وكان عيسى، ابن المجاهد عبد الله بن مسعودة، قد ذكر ل /وأج في تصريح سابق قبل وفاته في أوت 2020، أن بقايا البيوت المهدمة بالجوار كانت امتدادا لبيت عائلته الذي أنجزه والده في 1942.
وكان يتكون من غرف عديدة لم تبق منها سوى واحدة وهي الموجودة داخل الفناء المسيج بمحاذاة النصب التذكاري المخلد للقاء لقرين الشهير.
من مكان آمن لأعضاء المنظمة السرية إلى إجتماع لقرين
تستمد هذه الدار الكائنة بدوار أولاد عمر بن فاضل، ببلدية أولاد فاضل أهميتها، حسب أستاذ التاريخ بجامعة باتنة 1، الدكتور جمال مسرحي، من الاجتماع الذي احتضنته جاء مباشرة بعد نظيره الذي عقدته لجنة الستة (مصطفى بن بولعيد وديدوش مراد وكريم بالقاسم ورابح بيطاط والعربي بن مهيدي و محمد بوضياف) بالجزائر العاصمة يوم 23 أكتوبر1954 والذي أختير الفاتح نوفمبر من ذات السنة تاريخا لاندلاع الثورة المظفرة.
ويذكر مؤخون، أن مصطفى بن بولعيد، ترأس هذا الاجتماع الذي جمع فيه مسئولي منطقة الأوراس أو ما يمكن تسميته وقتها بهيئة أركان المنطقة الأولى أوراس النمامشة، وهم عباس لغرور، وعاجل عجول، وشيحاني بشير، والطاهر غمراس المدعو نويشي، وعبد الله بن مسعودة (صاحب الدار) ومحمد خنطر وحاجي موسى.
تمثلت أهم القرارات المتخذة فيه، في تعيين المناطق وقادتها وتوزيع الأفواج والمهام و الأهداف التي سيتم ضربها في ساعة الصفر بعد أن أعلن الشهيد مصطفى بن بولعيد، عن تاريخ إندلاع الثورة التحريرية ونسخ بيان أول نوفمبر.
وقع الاختيار على المنطقة ودار لمزيطي بالذات، حسب الدكتور مختار هواري، من قسم التاريخ بالجامعة ذاتها، لمعرفة بن بولعيد، للمنطقة ولأهلها ومنهم عبد الله بن مسعودة، منذ الأربعينيات وزيارته العديدة للدوار، الذي كان منطقة آمنة لأعضاء المنظمة السرية وأيضا عناصر متمردة عن النظام الاستعماري ومنهم أحمد قادة والصادق شبشوب، وحسين بالرحايل، الملاحقين وقتها من طرف قوات الإستعمار الفرنسي.
وأكد الدكتور علي أجقو، أن اجتماع لقرين وما سبقه من اجتماعات تمهيدية وتوجيهية بقيادة مصطفى بن بولعيد، يعتبر تحديا للعدو الفرنسي الذي كان يقر حينها بالقضاء على المنظمة السرية وجميع خلاياها وتأكيدا له بأن خلية الأوراس مازالت تنشط وكان لها الأثر الكبير في التخطيط الدقيق للتحضير للثورة وتفجيرها.
ساعد على نجاح اللقاء التاريخي، وفق المتحدث,، التكتم الشديد والسرية و الوعي النضالي لسكان المنطقة وأيضا موقع الدار مكان الاجتماع، الذي يتوسط جهات الأوراس من خنشلة وعين مليلة ولخروب وكيمل، مرورا بأريس في تنقل القيادات دون إثارة الشكوك ناهيك عن وقوعه في بيت متواضع لا يلفت الانتباه.
يحظى اجتماع لقرين الشهير، ودار المجاهد المتوفي عبد الله بن مسعودة، المدعو مزيطي التي احتضنته، باهتمام الباحثين والمختصين في التاريخ وقد نظمت بشأنه العديد من الندوات واللقاءات التاريخية من ذلك الملتقى الوطني الذي احتضنته جامعة باتنة 1 يوم 24 أكتوبر الجاري بمبادرة من متحف المجاهد وبحضور وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة.
والذي أكد من خلاله على أهميته في تاريخ الثورة التحريرية، حيث أجمع المختصون والمجاهدون على أنه كان مصيريا، حيث ضبطت آخر التحضيرات لثورة الفاتح نوفمبر1954 المظفرة.