افتتح معرض حول “رياس البحر”، وتاريخ البحرية الجزائرية في الفترة ما بين القرنين الـ16 والـ19 وصناعاتها الحربية، اليوم الاثنين، بالجزائر العاصمة.
يبرز المعرض، الذي نظمه مركز الفنون والثقافة بقصر رياس البحر، وبرعاية من وزارة الثقافة والفنون، بشعار “رياس البحر، بحارة برتبة سلاطين”، عبقرية النظام الدفاعي البحري الجزائري.
ويقترح هذا المعرض، على زواره مجموعة ثرية من الوثائق والمعاهدات والصور التعريفية ونماذج ومجسمات للسفن والأسلحة والرايات والعمارة الدفاعية، التي شكلت فضاء لحركة رياس البحر، الذين عرفوا بوقوفهم عبر القرون في وجه الحملات العدوانية الأوروبية.
تبرز المعروضات تاريخ وأهم قطع الأسطول البحري الجزائري والمعارك البحرية، التي خاضها ضد الغزاة الأوروبيين وقراصنتهم، على غرار مقاومة هجمات الفرنسيين والإسبان والهولنديين، إضافة إلى نماذج من التحصينات كالأسوار والقلاع والحصون والموانئ، وصناعة المدافع والبارود.
وزعت محاور المعرض عبر فضاءات عديدة لتقديم رؤية شاملة حول مسار وتاريخ البحرية الجزائرية إبان العهد العثماني، ما يتيح للزائر معرفة الوضع الجيوسياسي السائد في إيالة الجزائر خلال القرن الـ16، ودور الأسطول البحري الجزائري في رسم خارطة البحر المتوسط من خلال مشاركته في أهم المواجهات والمعارك ضد الأوروبيين الصليبيين كمعركتي “بروزة” و”ليبانت”.
وعرضت أيضا دعامات مصورة تعرف بدور رياس البحر الجزائريين وقوتهم في البحر المتوسط ومهاراتهم العالية في أداء المهمات البحرية ذات الطبيعة العسكرية، التي تشمل الاغارة على سفن ومدن الأعداء وتحصيل رسوم عبور السفن عبر مناطق النفوذ والسهر على احترام معاهدات حركة الملاحة وحماية الايالة عبر التصدي للحملات، حيث كانوا يعتبرون قوة عسكرية مؤثرة في سلطة الدولة.
ويكتشف الزائر للمعرض، في هذا الإطار، السيرة الذاتية لأبرز رياس البحر، الذين تركوا بصماتهم في التاريخ البحري الجزائري كقائد الجهاد البحري خير الدين بربروس، و الرايس حميدو، إضافة لنماذج لأهم ألبستهم الحربية وأسلحتهم كالمدافع على غرار مدفع “بابا مرزوق”، ومجسمات السفن الحربية الشهيرة على غرار “الشباك” و”السكونة” و”الغليوطة”.
يفرد المعرض مساحة لعرض نماذج من الرايات البحرية لتلك الفترة كراية خير الدين بربروس، الخضراء اللون يتوسطها سيف علي بن أبي طالب، المعروف بذي الفقار، وراية رياس البحر، التي استعملت نهاية القرن 16 وصممت من الحرير الأخضر المرصع بنجوم وزينت حوافها بخيوط ذهبية، وراية الجمجمة، التي استعملت في القرن الـ18 وهي عبارة عن قطعة من الحرير الأحمر يتخللها رأس جمجمة كانت ترفع على السفن الجهادية عند خروجها للغزو قصد إثارة الرعب في قلب العدو.
ومن جهة ثانية وفي جناح آخر ملحق بهذا المعرض، دشن معرض ثاني بعنوان “البحرية الجزائرية من خلال الوثائق التاريخية”، هو تكملة للمعرض الأول وخاص بمؤسسة الأرشيف الوطني، إذ يبرز برصيده الثري تاريخ البحرية الجزائرية والحملات العدوانية الأوروبية على الجزائر على غرار حملة شارل الخامس في 1541 وحملة الدانمارك في 1770 والحصار الفرنسي منذ 1827 وإلى غاية 1830.
يسلط هذا الجناح الضوء على الصناعات البحرية الجزائرية المتميزة ما بين القرنين 16 و19م، ويعرض نماذج لمختلف المعاهدات المبرمة بين دايات الجزائر وحكام الدول والممالك الأوروبية، وخرائط جغرافية قيمة، وصور ووثائق تاريخية أرشيفية عن أهم رياس البحرية الجزائرية.
وفي هذا الإطار، أوضحت مديرة مركز الفنون والثقافة بقصر رياس البحر، فايزة رياش، أن الهدف من تنظيم هذا المعرض بمعلم يحمل رمزية خاصة لفئة رياس البحر، هو التعريف لدى الجيل الجديد بالتاريخ العسكري البحري الجزائري المجيد لتعزيز هويته والتعرف على رموزه، تثمينا للذاكرة البحرية الجزائرية على ضوء إنجازات قادة الأسطول البحري الجزائري، الذي كان يسيطر على الحوض المتوسطي.
وأبرزت المتحدثة، أن المعرض بمثابة فرصة للباحثين والمؤرخين لتفعيل الإطار البحثي المتعلق بالذاكرة البحرية، التي تشكل فصلا هاما من فصول التاريخ الجزائري ورصيدا كبيرا من الأرصدة التراثية المتعلقة بالهوية.
وحضر حفل افتتاح هذا المعرض التاريخي جمهور كبير من مهتمين وباحثين ومؤرخين وفاعلين في مجال التراث، وممثلين عن مختلف المؤسسات الأمنية.