في يوم الإثنين 5 أفريل 1949 نفذت عملية الهجوم على البريد المركزي لوهران من قبل كوماندوس تابع للمنظمة الخاصة.
تمت عملية السطو المسلح على بريد وهران، من أجل تمويل شراء 700 قطعة سلاح لتفجير ثورة 1 نوفمبر 1954 .
هي عملية خطط لها أعضاء المنظمة السرية O.S التي كانت تعتبر الجناح المسلح لحركة إنتصار الحريات الديمقراطية بزعامة مصالي الحاج، وكانت مهمة المنظمة السرية التنظيم لتفجير الثورة المسلحة، والتخطيط لتمويلها بأموال وأسلحة لتنفيذ أهدافها كرد على مجازر 8 ماي 1945، فأخذت زمام المبادرة لتمويل نشاطاتها.
وتشير مصادر تاريخية إلى أن الهجوم على بريد وهران كان مقررا في أول اثنين من شهر مارس 1949، لكن الظروف لم تكن مواتية فأجل إلى أول اثنين من الشهر الموالي حيث نفذ في 5 أفريل.
وقد كلل الهجوم بالنجاح بفضل المعلومات الدقيقة التي قدمها بختي نميش الذي كان موظفا بالبريد.
تعود فكرة السطو على المركز البريدي بوهران الى قيادة المنظمة بالتنسيق والتشاور مع محمد خيضر الذي كان انذاك لا يزال نائبا في البرلمان الفرنسي ممثلا لحزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية ويتمتع بالحصانة البرلمانية، فكان حاضرا في جميع مراحل تنفيذ العملية متحملا كامل المسؤولية في نقل المبلغ المتحصل عليه بواسطة سيارته من وهران الى الجزائر العاصمة، تؤكد دراسة بعنوان “محمد خيضر ودوره في انجاح الهجوم على بريد وهران 5أفريل 1949″، للطالبين العرافي براهيمي من جامعة الوادي وعبد الوهاب شلالي من جامعة تبسة
وتضيف:” …بدأت قيادة المنظمة الخاصة في البحث عن طرق لتمويل نشاطها وعدم انتظار المساعدة من الحزب، فنفذت الهجوم على بريد وهران في 1949، فكانت مساهمة خيضر في هذه العملية مساهمة فعالة بفضل مشاركته في التخطيط مع المجموعة التي قامت بالهجوم والسطو على خزينة البريد”.
وتشير مصادر تاريخية إلى ” تكليف محمد خيضر، بعد الحصول على الأموال ونجاح العملية بمهمة النقل على متن سيارته بحكم أنه يتمتع بالحصانة النيابية وكلف حمو بوتليليس، بتوفير مأوى يخبأ فيه جزءا من الأموال والأسلحة المستخدمة في العملية، والمناضلين الذين شاركوا فيها لغاية إيجاد حلول وطرق مناسبة لنقلها.”
“وتمكنت المنظمة بفضل عناصرها على مستوى وهران من جمع وبطريقة سرية المعلومات الكافية لتنفيذ الهجوم على مركز البريد بطريقة احترافية ووضع بن بلة بالتنسيق مع أيت أحمد وامحمد يوسفي خطة مناسبة، لكن العملية الأولى أجلت لتعذر تنفيذها في 2مارس 1949، الذي يصادف يوم الإثنين الذي تتم فيه عملية تجميع أكبر مبلغ من الأموال في هذا المركز بعمالة وهران، وتعود اسباب الفشل الى عطب في محرك السيارة استخدمت في المحاولة الأولى ما اضطر المجموعة لتأجيل التنفيذ الى 5 افريل.” يقول الباحثان.
ومن اهم الخطوات، التي ركزت عليها المجموعة – حسب مصادر تاريخية- انتقاء العناصر التي تنفذ الهجوم بدقة وتقسيم فيما بينهم بدقة، الإهتمام بالوسائل المادية كالأقنعة والقفازات والأكياس والسيارة والأسلحة مع توفير الملاجئ والمخابئ العناصر المنفذة والغنيمة والأسلحة، الإعتماد على التمويه أثناء العملية حتى تبدو لدى السلطة الإستعمارية وكأنها من تنفيذ مجموعة أشرار تشبه عصابة بيرو لوفو بفرنسا واستعمال النبرة الباريسية أثناء الحديث وارتداء لباس أوروبي بالنسبة ليعض العناصر.
تحديد توقيت الهجوم ومدته في وقت قياسي والمكان، الذي يتم من خلاله التسلل المركز البريد مع تأمين عملية الإنسحاب واستخدام سيارتين تستبدلان للوصول إلى نقطة المخبئ الخاص المتواجد بقمبيطا بوهران ثم يتفرق بعدها الجميع كل نحو وجهته، اتخاذ التدابير اللازمة في حالة وقوع عناصر الهجوم للإعتقال، وأعطيت الأوامر لقادة المنظمة بعدم التواجد في مدينة وهران خلال التحضير ووقت تنفيذ الهجوم.
وتشير مصادر تاريخية إلى “أن الهجوم نفذ في الصباح الباكر، وادى كل عنصر الدور المنوط به فتكفل كل من رابح لرجيوي، ومحمد بويحي، بالحراسة الخارجية وكان في قيادة السيارة محمد خيضر، وكانت مهمته أيضا إعطاء برقية طويلة كتبت باللغة الانجليزية لعامل البريد لإلهائه بها ولا يتفطن لدخول كل من سويداني، حداد وبوشعيب الى القاعة التي توجد فيها الخزينة للحصول على الأموال، لكنهم لم يحصلوا سوى على مبلغ ضئيل بسبب الصراخ والمقاومة التي أبداها المخزني واستخدامه لزر الطوارئ المتصل مباشرة بالشرطة.”
وأثمرت العملية بالحصول على مبلغ قدر ب3ملايين ومائة وسبعون ألف فرنك فرنسي، في حين كانوا يرغبون في الحصول على كامل المبلغ وهو حوالي 33 مليون فرنك.
ويذكر المجاهد حسين ايت أحمد، في مذكراته أن جلول نميش أبلغ الهيئة عن عمليتين ممكنتين وهي القطار البريدي الذي يأتي من بشار نهاية كل شهر محملا بمئات الملايين او بريد وهران، حيث درست المسألة في اجتماع ضيق حضره أحمد بن بلة، وبلحاج ورقيمي، ورفض ايت أحمد اقتراح السطو على القطار البريدي لأن العملية حسبه تتطلب تنظيما، واستقر الرأي على بريد وهران.