احتضن المجلس الشعبي الوطني، اليوم الأربعاء، العرض الشرفي للفيلم الوثائقي “الشيخ العربي تبسي .. شهيد بلا قبر (1891- 1957)” للمخرج محمد والي.
عرض هذا الفيلم الوثائقي بقاعة المحاضرات رابح بيطاط، بمقر المجلس الشعبي الوطني بالعاصمة، بحضور رئيس المجلس، إبراهيم بوغالي، ووزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، إلى جانب مجاهدين ومثقفين، وذلك احتفاء باليوم الوطني للذاكرة الذي يصادف تاريخ 8 ماي من كل سنة.
يروي هذا الوثائقي، في 50 دقيقة، جوانب من المسار الفكري والثوري للشهيد العربي التبسي، من خلال شهادات حية لمجاهدين وعائلة الشهيد وحقوقيين وباحثين في التاريخ، التي تؤكد أن الشهيد كان عالما نادرا ورجلا ثوريا لخص قصة شعب مكافح، وصاحب فكر إصلاحي شامل.
ولد الشيخ العربي التبسي، ببلدية قنتيس بولاية تبسة، وهو سليل عائلة معروفة بالعزة والشدة، تربى في جو عائلي بدوي، إذ كان والده فلاحا في الأصل ومعلم قرآن، فكان أول مدرسة له قبل أن يتدرج في العلم إلى أن بلغ مقاعد جامعات الزيتونة بتونس ثم الأزهر بمصر، حسب ما جاء في العمل.
ويجمع الوثائقي مشاهد تمثيلية تحاكي بعض المحطات الحياتية للعلامة الجزائري ومداخلات تدعم الحقيقة التاريخية حوله، وهذا بالاستعانة بصور أرشيفية للتلفزيون الجزائري، ليرصد بذلك المخرج كيفية تشكل شخصيته الفسيفسائية، التي كبرت على العلم وتشبعت بحب الوطن وانحازت للحرية المطلقة للشعب الجزائري.
وأورد الفيلم، الذي انتج بدعم من وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، معلومات عديدة تخص ثقافة الرجل ورؤيته الاستشرافية للمجتمع الجزائري، حينما أسس مدرسة تهذيب البنين والبنات وخصص قسما لتدريس البنات في تبسة ضم أكثر من 100 فتاة، فأثبت أنه رجل إصلاحي يمتلك القدرة على التوجيه والإقناع حتى أصبح صوتا مناديا للكفاح والانضمام الى صفوف جبهة التحرير الوطني.
واستطاع المخرج، ان يرسم ملامح هذا الرجل الشجاع، الذي رفض إملاءات جنرالات فرنسا الاستعمارية وتمسك بموقفه الوطني، رغم دخوله المتكرر للسجن وتعرضه لأبشع أنواع التعذيب، فكسب ثقة قادة الثورة الجزائرية ونسق عمله معهم، ناهيك عن دروه الريادي في كنف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
يطرح الفيلم، ” من خلال سرد مسار الشهيد، مسألة جرائم الاستعمار الفرنسي في حق الجزائريين ويبرز أهمية التوثيق للجرائم اللاإنسانية التي تحاول فرنسا، إلى اليوم، طمسها من خلال إخفاء الأرشيف الاستعماري، خاصة فيما يتعلق بملف المفقودين بما فيهم الشهيد العربي التبسي، الذي اختطف في ليلة 4 أفريل 1957 ولم يعرف مصير جثمانه الى يومنا هذا ولم يتبق لعائلته الصغيرة والكبيرة سوى روايات تروى هنا وهناك دون إثباتات”.