شيع جثمان المرحوم المجاهد وعضو الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، والمدير العام الأسبق للمسرح الوطني الجزائري عبد الرحمان بسطانجي “، المدعو “طه العامري”، بعد ظهر يوم الأربعاء، بمقبرة سيدي امحمد بالعاصمة، عن عمر ناهز 97 عاما .
حضر مراسم التشييع وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة ، أين ألقى كلمة تأبينية ، ذّكر فيها بخصال الفقيد ومناقبه، بعد عمر حافل بالوفاء والعطاء، لتشاء الاقدار أن يرتقي في عليين، واعتبر الراحل طه العامري من كبار الفنانين الجزائريين,
عبر وزير المجاهدين وذوي الحقوق، عن حزنه وأساه لرحيل هذا “الفنان الكبير” و”المجاهد الرمز”، وذكر أيضا أن الراحل “من أولئك الأفذاذ الذين أبرزوا الوجه النضالي الثقافي لثورة أول نوفمبر 1954، وأسهموا إسهاما جليلا في تبليغ صوت الشعب الجزائري في مختلف المحافل الثقافية الدولية خلال كفاح التحرير الوطني”.
وأضاف الوزير:” بفقده تفقد الجزائر اليوم وطنيا مخلصا ترك بصماته في مسار كفاحها التحرري وبناءها الوطني، ومآثره ومواقفه، التي ستخلده على الدوام وستبقى نبراسا يسير على نهجها الأجيال بكل عزم لخدمة وطننا وصيانة وديعة الشهداء، والذود عن المكاسب التي حققوها بتضحياتهم ، ساعين لتعزيز صرح الجزائر المستقلة”.
ليتقدم في الأخير وزير المجاهدين وذوي الحقوق، إلى “عائلة الفقيد وكل رفاقه في الجهاد وأسرته الكبيرة في الساحة الثقافية والفنية، بأخلص التعازي وأصدق المواساة، سائلا الله أن يلهم أهله وذويه جميل الصبر ووافر السلوان، وأن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح الجنان.”
الفقيد من مواليد 20 أوت 1927 بحي القصبة بالعاصمة، وقد اكتشف المسرح لأول مرة وهو في سن العاشرة من خلال متابعته رفقة والده لمسرحية هزلية للمرحوم رشيد قسنطيني، ومن بعدها ضمن صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية.
ليتعلم الراحل الفن الدرامي على يد أب المسرح الجزائري، محي الدين باشطارزي، إلى جانب فنانين كبار آخرين من قبيل حبيب رضا وكلثوم وحسان الحسني، قبل أن يبدأ مشواره الفني في 1947 حيث شارك في العديد من الأعمال المسرحية على غرار” عطيل” و”صلاح الدين الأيوبي”.
كان الفقيد عضوا بحزب الشعب الجزائري، وبعد اندلاع الثورة التحريرية وبفعل نشاطه النضالي نجا عام 1956 من متابعات السلطات الاستعمارية، حيث تمكن من مغادرة الجزائر متوجها إلى سويسرا بحجة القيام بفترة تربصية في الميدان المسرحي، وهناك التقى المسرحي الراحل مصطفى كاتب، ليلتحق بعدها بالعاصمة التونسية وينضم للفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، التي كان من مؤسسيها عام 1958 وقد تميز خصوصا بمشاركته في المسرحيات الثلاث التي ألفها المرحوم عبد الحليم رايس، “أولاد القصبة” و”دم الأحرار” و”الخالدون”.
وبعد الاستقلال شارك الفنان المرحوم في العديد من المسرحيات، بالعربية الدارجة والعربية الفصحى، كما ترك بصمات بارزة في الفن السابع، حيث شارك في أفلام سينمائية شهيرة من قبيل “الليل يخاف من الشمس” (1965) و”وقائع سنين الجمر” (1975) و”المنطقة المحرمة” (1974)
و”صراخ الحجر” (1987)، وكذا مسلسلات على غرار “الوصية” و”القلادة”، كما تقلد مناصب عديدة في الميدان الفني، حيث أسس الفرقة المسرحية للإذاعة الجزائرية والتي عمل فيها أيضا كممثل ومخرج مسرحي ومسؤول إنتاج، كما كان مديرا عاما للمسرح الوطني الجزائري. (1972- 1975).