دمرت سلطات الإحتلال الفرنسي خلال الثورة التحريرية وبالتحديد في 1960، بعض القرى وإنشاء محتشدات لتجميع السكان قصد ضبط تحركاتهم، وقد قامت أيضا بإحداث وثائق هوية للسكان.
طلبت إدارة الإحتلال الفرنسي من المصور الفرنسي مارك غارانجي، الذي كان يقضي خدمته العسكرية في تلك الفترة مع عدم وجود أي مصور مدني، بأخذ صور للساكنة حتى ترفق ببطاقة الهوية المستحدثة.
كان مارك من الرافضين للحرب، لكن واجبه العسكري حتم عليه ذلك تحت أوامر و تهديدات قادته العسكريين. يقول: ” لم يكن أمامي سوى القبول أو السجن، لكني فكرت ربما هذه فرصة لأنقل رفضي ورفض الساكنة للحرب”.
طيلة عشرة أيام وبمساعدة مترجم، ومجموعة من الجنود، الذين كانوا يجبرون الناس على الوقوف أمام الكاميرا لأخد الصورة، قام مارك بتصوير 2000 شخصا، بمعدل 200 شخص كل يوم.
كانت النساء أكثر المصورين، لغياب الرجال الذين التحقوا في الغالب بالثورة، وقفت النساء أمام الكاميرا لأول مرة في حياتهن، تعلو ملامحهن علامات خوف وعدم رضى، مجبرات على خلع غطاء الرأس حيث يبدو شعرهن غير مرتب، ولأول مرة ينكشفن على رجال أجانب غير أفراد العائلة ( محتلين، جنود، غرباء..)، حسب ما تذكرته مصادر تاريخية.
المصور الفرنسي الراحل قبل وفاته بكئ بحرارة، أثناء عرض الفيلم الوثائقي “على آثار المحتشدات” للمخرج سعيد عولمي، واعتذر من الجزائريين على الجرائم النكراء، التي ارتكبها الجيش الفرنسي في حق الجزائريين.
ومعروف عن غارانجي، أنه احتفظ بتلك الصور التي صدرت لاحقا في كتاب سماه ” نساء جزائريات 1960 ” Femmes Algériennes 1960″، تكريما لضحايا الحرب والاغتصاب والعنف.
توفي مارك غارانجي في 06 ماي 2020 عن عمر ناهز الـ85 سنة.
المصدر: بوعلي معمر/ متحف صور مجاهدي وشهداء الثورة التحريرية