معركة منطقة بن خيار بجبل “كسال” في ولاية البيض، ملحمة من الملحمات البطولية للمجاهدين ضد المستعمر الفرنسي، تظل راسخة في الذاكرة الجماعية.
تستذكر ولاية البيض في الـ20 ديسمبر من كل سنة هذه المعركة التاريخية التي وقعت في في 1957 بثنية أولاد مومن، وبالتحديد بمنطقة بن خيار بجبل “كسال” الواقع على بعد حوالي 10 كلم عن مدينة البيض، والذي كان مقرا لتمركز مجاهدي جيش التحرير الوطني آنذاك.
توضح محافظة التراث التاريخي والثقافي لدى مديرية المجاهدين وذوي الحقوق للولاية، خديجة برياح، أن هذه المعركة قادها الشهيد البطل ضابط جيش التحرير الوطني، قطاف أمحمد (1929- 1959) ابن منطقة ستيتن المجاورة، والذي كان مكلفا بقيادة فريق الهجوم “الكمندوس” بالمنطقة الثالثة رفقة ثلاثة من المجاهدين الأبطال.
بدأت معركة بن خياربنصب المجاهدين لكمين لثلاث شاحنات لجنود جيش المستعمر الفرنسي، والتي أحرقت بالكامل وغنمت كمية من الأسلحة الخفيفة،وهذا حسب شهادات تاريخية استقتها المديرية ممن عايش هذه المعركة التاريخية.
وتضيف الشهادات أنه بعد هذه العملية تمركز مجاهدو جيش التحرير الوطني بجبل “كسال”، وكان عددهم 26 مجاهدا بعضهم كان مريضا ما أضطر المجاهدين إلى التوقف عن السير والبقاء في المنطقة ذاتها.
و إثر هذا الكمين جهز المستعمر الفرنسي عددا كبيرا من قواته البرية والجوية، والتي توجهت نحو جبل “كسال”، وحوصروا وطوق المكان لتندلع بذلك المعركة، والتي استعمل فيها المحتل مختلف الأسلحة والطائرات، التي كانت تقصف بقنابلها مكان تمركز المجاهدين إلا أن بسالتهم مكنت من تكبيد المستعمر خسائر فادحة، حسب ما أوضحه المصدر ذاته.
خلفت المعركة -حسب الشهادات- ما يقرب عن 400 قتيل وجريح في صفوف قوات المستعمر الفرنسي، الذي أخلى جميع خيام السكان القاطنين قرب موقع المعركة، إثر ذلك واتخذها مأوى لإسعاف الجرحى والمصابين وتحويل السكان العزل إلى المحتشدات والسجون.
من جهته، أكد الأستاذ عبد القادر بوطاجين، الباحث في تاريخ المنطقة، أن معركة بن خيار من بين المعارك الكبرى، التي شهدها جبل” كسال”، كان مركزا منظما يضم مخابئ للمجاهدين فضلا عن احتوائه على منابع للمياه وغابة كثيفة جعلت منه مكانا لتمركز جيش التحرير الوطني، وهو ما دفع المستعمر في العديد من المرات لحرق مساحات كبيرة من الغطاء النباتي للجهة.
وكرد فعل همجي إثر هذه المعركة التاريخية، طرد المستعمر الفرنسي سكان قصر أستيتن الذي ينحدر منه الشهيد البطل، أمحمد قطاف، الذي استشهد في معركة بجبل مكثر (البيض) في 1959، واعتبر العدو سكان القصر من داعمي الثورة التحريرية المجيدة و زجهم في محتشد مكثر وجعل منطقة وقصر أستيتن منطقة محرمة.
وللإشارة، فإن جبل “كسال” الذي يحمل مطار البيض اسمه حاليا شهد العديد من المعارك التاريخية الأخرى التي خاضها جيش التحرير الوطني ضد المستعمر الفرنسي على غرار معركة كسال في 17و18 فبراير 1958، ومعركة الكتيفة في 1959، والتي كبدت المستعمر خسائر كبيرة.