أكد مشاركون في ندوة احتضنها، منتدى الذاكرة يوم الثلاثاء بيومية المجاهد، أن المنظمة الخاصة تعد اللبنة الأولى لتأسيس جيش التحرير الوطني، الذي خاض الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي.
أكد الباحث والمؤرخ في الحركة الوطنية، عامر رخيلة، أن المنظمة الخاصة نجحت في نقل الحركة الوطنية من العمل السياسي المحض إلى البعد العسكري في نشاط حزب الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي.
وأضاف أن المنظمة زودت الحركة الوطنية بإطارات تلقوا تكوينا عسكريا وسياسيا، وكانوا من المشاركين الأوائل في التأسيس لاندلاع الثورة التحريرية.
أبرز المتحدث دور المناضل الراحل محمد بلوزداد، في حزب الشعب الجزائري و بعدها في حركة انتصار الحريات الديمقراطية.
وقال: “بفضل النشاط الذي قام به في مجال التجنيد والتكوين قبل تكليفه بإنشاء المنظمة الخاصة أو ما يسمى بالمنظمة السرية، التي أصبح أول رئيس لها”.
وتطرق الباحث، إلى الدور الذي أدته المنظمة الخاصة، باعتبارها الركيزة الأساسية للمنظومة الثورية والبناء الأساسي للفكر الثوري الوطني.
وأشار إلى أن الجيل الثاني للحركة الوطنية كان من الشباب الجزائري الطموح للاستقلال، ومن بينهم محمد بلوزداد.
ولد محمد بلوزداد في 1924 بالجزائر العاصمة، تحصل على شهادة عليا تعادل البكالوريا.
عين في سن 19 سنة مسؤولا عن لجنة شباب بلكور لحزب الشعب الجزائري، التي بلغ عدد أعضاؤها نحو 500 عضو في 1944.
كتب يوسف بن خدة في كتابه “جذور أول نوفمبر 1954” أن محمد بلوزداد كان من بين منظمي مظاهرة الفاتح ماي 1945، الأمر الذي جعله محل بحث حثيث من قبل شرطة الإستعمار.
وأشار إلى أن توقيف والده و إخوته و تعرض عائلته لسوء المعاملة، و وفاة شقيقه سحنون في السجن، لم يثن من عزيمته ، بل واصل مشواره النضالي و عاش حياة سرية باسم مستعار “سي مسعود”.
ارسل إلى شرق الجزائر و أمضى سنتين نجح خلالهما في لم شمل المنظمة المفككة جراء القمع الكبير، الذي سجل في ماي 1945 و في تشكيل مجموعات في المناطق التي لم تكن موجودة فيها سابقا.
شارك على رأس الوفد القسنطيني في مؤتمر 1947، الذي شهد تنصيب المنظمة السرية التي تولى قيادتها.
بلوزداد اتسم بالذكاء والحكمة والشجاعة
و أكد بن يوسف بن خدة أن بلوزداد اتسم بالذكاء و بشجاعته الهادئة، رغم صغر سنه التزم كليا بالنضال التحرري ضد المستعمر الفرنسي.
اضطر محمد بلوزداد لترك مكانه لمساعده حسين آيت أحمد، بعد أن أجهد نفسه في العمل و التضحية، الأمر الذي تسبب له في مشاكل صحية منعته من مزاولة مسؤولياته كقائد وطني للمنظمة السرية.
ويؤكد الباحثون أن محمد بلوزداد، هو من شكل قيادة الأركان التي ضمت عناصر انتقاهم بدقة بالنظر إلى المهمة الشاقة، التي كانت في انتظارهم وكان المناضل يحرص على شرح الأهداف المنوطة بالمنظمة السرية و الأعمال المُوكلة لعناصرها بعد انضمامهم لها.
ويذكر المناضل المرحوم حسين أيت أحمد، في كتابه “روح الاستقلال: مذكرات مكافح 1942-1952″، أنه عندما كان بلوزداد لا يزال موظفا شابا بالحكومة العامة نشط خلايا لحزب بلكور و سلم القيادة العديد من الوثائق السرية و المعلومات الثمينة.
و حسب شهادة آيت أحمد، فان محمد بلوزداد، كان يتميز بثقافته الواسعة، التي لم يكن يستعرضها بل كانت تتجلى خلال مداخلاته النادرة فضلا عن تحليه بالرزانة و بصيرة غير معهودة.
وأشار إلى أن الشهيد بلوزداد لم يكن يتذمر أبدا من وجعه (داء السل)، و لا شيء كان يؤثر على هدوئه، لم يكن يعرف معنى اللامبالاة.
توفي محمد بلوزداد في جانفي 1952 عن عمر ناهز 28 سنة، و نظم حزب الشعب الجزائري و الحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية حينها مراسم جنائزية وطنية.
تجدر الإشارة أن الندوة التاريخية، التي نظمت بالتعاون مع جمعية مشعل الشهيد هي تكريم للمناضل الفقيد محمد بلوزداد، وهذا في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الـ60 لاسترجاع السيادة الوطنية.