تعتبر معركة ”أمان أحمد أونصر”، إحدى المعارك الكبرى التي خاضها مجاهدو جيش التحرير الوطني بالولاية الأولى التاريخية ضد الإستعمار الفرنسي و إستشهد فيها القائد علي سوايحي، في 9 فيفري 1961.
بحلول الذكرى الـ62 لتلك المعركة، التي احتضنتها غابات لمصارة بولاية خنشلة، عاد المجاهد محمد مساعدي، في شهادته لوأج إلى تفاصيلها و ظروف استشهاد القائد علي سوايحي.
و جاء في شهادته بأن طائرات الاحتلال الفرنسي شرعت يوم 7 فيفري 1961 بالتحليق فوق غابات لبراجة بلمصارة، التي كانت تحتضن مقر قيادة الولاية الأولى التاريخية لتقوم بعدها بقنبلة المنطقة و إنزال عشرات المظليين داخل الغابة ومئات الجنود المشاة، الذين قاموا بتطويق المنطقة.
ويروي المجاهد: “على إثر ذلك، وزع القائد علي سوايحي، المجاهدين عبر مناطق مختلفة قبل الدخول في اشتباكات مباشرة مع قوات العدو إلى غاية حلول الظلام، تمكننا من فك الخناق الذي ضرب علينا من طرف العساكر الفرنسيين وانسحبنا إلى غرب منطقة واد الماء بأمر من القيادة”.
ويوضح المجاهد محمد مساعدي، في شهادته أن القائد علي سوايحي، و بعد استشارته لبعض معاونيه من أبناء المنطقة العارفين بغابات لمصارة، أعطى أمرا لكافة الفصائل بالمغادرة والابتعاد عن مركز قيادة الولاية الأولى التاريخية والتوجه نحو “أمان أحمد أونصر ” في محاولة لتفادي الاصطدام مجددا مع قوات الاستعمار، التي طوقت في اليوم الموالي مراكز قيادة الولاية الأولى التاريخية وأغلقت كافة المنافذ على المجاهدين، الذين غيروا مكان اختبائهم.
ويضيف المتحدث، أنه وبحلول الليل اجتمع علي سوايحي، مجددا بمعاونيه من قادة الكتائب ليقرر الدخول في مواجهة مباشرة مع قوات العدو، حيث أرسل في صباح 9 فيفري 1961 مجموعة من المجاهدين للاستطلاع، فإشتبكت من جديد مع القوات الفرنسية لتندلع إثرها معركة بين الجيش الفرنسي و مجاهدي جيش التحرير الوطني المرابطين غرب “واد الما” بقيادة الشهيد علي سوايحي، الذي كان يحاول برشاشه إسقاط إحدى طائرات العدو قبل أن يصاب بجروح بليغة على مستوى الركبة أعاقته عن التحرك ليضطر إلى الاحتماء بصخرة بموقع المعركة، وتنزف منه الدماء إلى غاية استشهاده.
98 شهيدا مقابل 275 قتيلا من جيش الاحتلال
يقول محمد مساعدي : “رغم استشهاد القائد علي سوايحي، وفارق القوة والعتاد بيننا وبين قوات المستعمر، إلا أن المجاهدين لم يستسلموا و استمروا في القتال حتى حلول الظلام أين اضطروا إلى الانسحاب من ميدان المعركة، التي كانت حصيلتها ثقيلة، استشهد فيها 98 مجاهدا، وأصيب ما يقارب 30 مجاهدا بجروح في الوقت، الذي أكدت فيه وسائل إعلام فرنسية آنذاك أن خسائر الجيش الفرنسي قدرت ب 275 قتيلا و عدد كبير من الجرحى”.
من جانبه، يؤكد نوي بن مبروك، أستاذ التاريخ بجامعة عباس لغرور بخنشلة، أن معركة ”أمان حمد ونصر” تبقى واحدة من المعارك الخالدة في تاريخ ثورة التحرير الوطنية، حيث عرف المجاهدون خلالها كيف يلقنون قوات العدو الفرنسي درسا في الشجاعة بقيادة البطل علي سوايحي، الذي نجح بفضل حنكته في تسيير تلك المعركة واستشارته لمعاونيه كيف يجنب جيش التحرير الوطني خسائر كبيرة في العدة والعتاد.
ويوضح الأستاذ الجامعي، أن انتهاء أشغال مشروع إعادة الاعتبار لمقر قيادة الولاية الأولى التاريخية، الذي احتضن معركة ”أمان أحمد أونصر” عما قريب سيساهم في الترويج للسياحة التاريخية بغابات لمصارة، والحفاظ على الذاكرة الوطنية ونقل رسالة الشهداء للأجيال الصاعدة.