يؤكد السيناريست والمخرج، عمار محسن، لـ”الشعب” أن فيلم «السويقة» يعتبر عملا ثوريا واجتماعيا، يروي اهتمامات وأحلام سكان السويقة بالمدينة القديمة.
يروي فيلم “السويقة”، تفاصيل عادات وتقاليد المدينة وكفاحها المرير إبان الثورة الجزائرية، حيث تدور أحداث الفيلم بداية من شهر رمضان إلى غاية ليلة العيد في 1958، بهذا الحي العتيق.
يكشف كاتب فيلم «السويقة»، عمار محسن، أن وقائع الفيلم مستنبطة من قصة حقيقية مع تفاصيل من نسج الخيال، عايشها المخرج باعتباره ابن المنطقة، وشاهد على مآس عايشها أيضا جيرانه وأفراد من عائلته وتحديدا مع قدوم الجنرال شارل ديغول، واستشهاد عدد كبير من عائلته أثناء معركة 1958 الشهيرة، بعدما اجتمع مجاهدون لتنفيذ عملية فدائية كرد فعل معارض لقدوم ديغول.
ويضيف: ” لتكون هناك وشاية من طرف عملاء فرنسا، أين حوصرت السويقة عسكريا، فخرج جميع سكانها ليلا لعرقلة عملية البحث والقبض على المجاهدين، وتسهيل هروبهم من عساكر ديغول، غير أن هذه الواقعة أدت إلى استشهاد عدد كبير من سكان السويقة ليلة العيد”.
ويبرز عمار محسن، أن العمل يتضمن مشاهد لأسماء ثورية، على غرار الشهيد حملاوي، وشخصيات ثورية أخرى، إلا أن المشاهد والشخصيات بالفيلم من نسج الخيال ولا تمثل أي أسماء معينة، باعتبار أن العمل سيكون سينمائيا إبداعيا يروي قصصا مستنبطة من الماضي حولت سينمائيا.
وفيما يتعلق بالممثلين المشاركين في هذا العمل السينمائي، يؤكد المخرج أن هناك عدد لا بأس به من ولايتي قسنطينة وباتنة، باعتبار وجود مشاهد بجبال الأوراس، والتي تعكس معاناة الجزائريين بالقرى والمناطق المعزولة.
ويشير إلى تصوير مشاهد محاصرة الجيش الفرنسي لـ”دشرة” بأكملها، حيث يقتل جميع المجاهدين والسكان، ما عدا شخص واحد وهو الذي يتنقل إلى قسنطينة، أما اختيار الممثلين فسيكون ـ حسب المخرج ـ بعد شهر رمضان الكريم بتنظيم كاستينغ لكل الأدوار الرئيسية والثانوية، ليختار الأشخاص المناسبين لكل شخصية في العمل السينمائي.
ويضيف محدثنا :” سنعمل على مشاركة وجوه تمثيلية جديدة، لا سيما مع وجود قدرات كبيرة سواء على مستوى الجهة الشرقية أو على مستوى كافة الولايات، وذلك لإعطاء الفرصة للشباب لإبراز قدراتهم ومواهبهم في مجال التمثيل”.
ويؤكد أن 80 بالمائة من الممثلين، الذين سيشاركون في العمل السينمائي الثوري من قسنطينة، وستستغرق مدة العمل شهرين لفيلم مدته ساعة ونصف، ليكون التصوير في ثلاث ولايات قسنطينة، باتنة وميلة، باعتبارها لا تزال تحافظ على بناياتها القديمة بوجود منازل عتيقة مكتملة تناسب مشاهد التصوير.
ويتحدث المخرج، عن أهم العراقيل التي تقف في وجه أي إنتاج سينمائي أو تلفزيوني، على غرار انعدام المادة، يقول: «نعتمد على التمويل الحكومي والمتمثل أساسا في التلفزيون الجزائري، على عكس الدول الأخرى التي يشارك فيها المنتجون بميزانيات عالية، ما يضمن نجاح العمل، الذي سيباع ويحقق أرباح مالية تعوض الميزانية المرصودة لإنجازه».
ويشير إلى أن التلفزيون لا يمكنه أن يقوم بتمويل أعداد كبيرة من الأفلام والأعمال الفنية في وقت واحد، وهو ما يجعله يقتصر على بعض الأعمال التلفزيونية، ويضيف أنه في السنوات القليلة الماضية قام التلفزيون الجزائري بتجربة إعطاء فرصة للتقنيين المتعاقدين لإنشاء وكالات خاصة لصناعة الأفلام والبرامج، ليبقى أيضا التمويل للتلفزيون وهو ما كان يسمح بإنتاج مسلسلات عديدة في السنة الواحدة.
التلفزيون الجزائري يتجه نحو صناعة الأفلام
من جهته، يؤكد مدير الإنتاج بالتلفزيون الجزائري، سمير قنز، أن الفيلم الثوري «السويقة» الذي جاء بعد الإطلاق الرمزي لفيلم المناضل الكبير «محمد بلوزداد»، يأتي ضمن فلسفة واستراتيجية التلفزيون العمومي، الذي يتجه دائما نحو الإنتاج الداخلي والإنتاج الدرامي، وباعتباره أقدم تلفزيون على المستوى الوطني، فهو مطالب بصناعة المشهد السينمائي من خلال الإنتاج الدرامي المتنوع، مسلسلات، سيت كوم، أفلام درامية وثورية.
ويشير إلى أن، التلفزيون الجزائري كان فيما سبق ينتج عديد الأفلام، إلا أنه انقطع عن ذلك لعقود متتالية، ليعود مجددا إلى صناعة وإنتاج الأفلام وتوزيعها على مختلف مناطق الجزائر.
ويضيف سمير قنز، أنه تم إقرار الخروج بالإنتاج التلفزيوني نحو الجزائر العميقة، وسيكون كاستينغ للمواهب في كل المناطق، التي سيكون فيها الإنتاج والتصوير، ما يسمح بفتح المجال للطاقات المتواجدة عبر المسارح الجهوية والتعاونيات والمؤسسات الشبابية، وبالتالي فتح وتوسيع هامش مشاركتهم في الأعمال الدرامية للتلفزيون الجزائري، الموزعة عبر ولايات الجزائر، خاصة ـ يقول ـ وأن الإنتاج لن يتوقف على فيلم «بلوزداد» و”السويقة”، بل سيشمل انتاجات أخرى تراعي عمق الجزائر والتنوع الثقافي، ليبقى التلفزيون الجزائري يقود قاطرة الدراما بالجزائر، ويحتضن كل أبنائها بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم.
ويكشف أن الانطلاق الفعلي لفيلم «السويقة»، سيكون بعد شهر رمضان، وتحديدا الأسبوع الثاني بعد عيد الفطر المبارك في مدة أقصاها 10 أسابيع، تتبعها عملية تسويق للإنتاج السينمائي، الذي تركز عليه مديرية الإنتاج للتلفزيون، والتوجه نحو صنع الحدث وفق منصات العرض، التي لابد من توفرها على التقنيات اللازمة للأعمال السينمائية.
بدوره تحدث الفنان حكيم دكار “لذاكرة الشعب” عن دوره البطولي في فيلم «السويقة»، حيث يؤدي دور «الهادي»، معتبرا أن هذا الدور فرصة كبيرة للمشاركة في عمل سينمائي للمخرج الكبير «عمار محسن».
ويشير إلى أن هذا العمل السينمائي يروي قصة جميلة لوقائع حدثت في قسنطينة في 1958، لا سيما وأن المدينة معروفة على أنها مدينة الفداء بامتياز، تدور حيثيات قصة الفيلم حول عائلات قسنطينية تعيش بالمدينة القديمة «السويقة»، والتي كانت في وقت الاستعمار منطقة يعيش فيها جزائريون يناضلون يوميا ضد تعسف الاستعمار الفرنسي.
ويضيف دكار، أنه باعتباره موزع للعمل السينمائي ومرتبط بالمدينة التي نشأ وترعرع فيها، فهو شرف له كابن المدينة بالمشاركة في أول عمل ثوري يصور بعاصمة الشرق الجزائري ويحكي عن قصة مماثلة، وهو ما سيستحسنه سكان المدينة، يقول المتحدث.
وبالنسبة لشخصية البطل «الهادي»، الذي يعتبر قفلة العمل رفقة شخصية البطلة «شامة» وأختها «فاطمة»، ستكون بطولة مشتركة وشخصيته محورية، ويشير إلى أنه من خلال السيناريو سيكون مزيج بين الحقيقة والخيال تتمخض عنه قصة جميلة تروي أحداث ويوميات سكان المدينة العتيقة «السويقة»، التي تعتبر القلب النابض لمدينة قسنطينة، والمكان الذي يعج بالحياة على مدار السنين.