أكد أستاذ قسم التاريخ وصاحب الرصيد الثري من المقالات والأبحاث الأكاديمية عن تاريخ الجزائر، محمد الأمين بلغيث، أن التراث الثقافي الجزائري المنهوب والمتواجد خارج الجزائر، منه ما هو معلوم، ومنه ما هو غير معلوم، نهب من الجزائر في مراحل متعددة أثناء فترة الاحتلال.
أشار محمد الأمين بلغيث، إلى أن العديد من التراث الثقافي الجزائري المنهوب موجود في الأرشيف الفرنسي، الذي يضم من 40 ألفا إلى 50 ألف بطاقة بريدية.
يتحدث المؤرخ محمد الأمين بلغيث، مع “الشعب”، عن فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر من 1832 إلى 1834، قائلا: “هو جزء من الإشكال الموجود بيننا وبين الفرنسيين في قضية إرجاع المنقولات، الأبواب، الوثائق والأرشيف”.
ونبه الدكتور بلغيث، إلى نقطة أساسية في هذا الموضوع، تتعلق باسترجاع التراث الثقافي، الذي يربطنا بالشرق، يقول: “كما هو معلوم أن الاستعمار الفرنسي عمد خلال دخوله إلى الجزائر إلى نهب كل ما يثبت للجزائر مكانتها في الفن الشرقي، سرقوا أبواب المساجد، أبواب الزوايا، أبواب المقابر، سرقوا حتى شواهد القبور ونهبوها”.
وأضاف المؤرخ، “تعتبر هذه الآثار المادية والفنية، وهي الأبواب التاريخية لأكثر من 103 مسجدا في الأقصى لوحدها، هي دلالة على أن هؤلاء الصليبيين قد نهبوا بلدا كان يملك دولة واستقرارا”.
وأشار المختص في تاريخ الجزائر، “إلى أنه من أهم التحف التي نهبت وسرقت هي لوحات زيتية غالبيتها رسمت من طرف أجانب في الجزائر، ومن حق الجزائر استردادها، على غرار اللوحات الشهيرة التي رسمت في القرنين 15 و16 وتحمل كتابات الجزائر المحروسة بالله، وهي اللوحة التي تجدها عند الحلاقين، وأصحاب المقاهي، وحتى في المساجد والمؤسسات الرسمية.”
وقصتها، بحسب المؤرخ، “تعود إلى انتصار الجزائريين في معركة الجزائر la bataille d’Alger، معركة شارلكان سنة 1541، حيث تؤرخ الكتابة الموجودة في هذه اللوحة إلى انتصار العاصميين، لتبقى “الجزائر المحروسة بالله” هي جزء من التراث الجزائري، وهي موجودة بالعشرات، بل بالمئات في المؤسسات والمتاحف الفرنسية”.
لوحات، مخطوطات، أبواب وبنادق.. منهـوبة
لم يفوت محمد الأمين بلغيث، فرصة الحديث عن مئات الآلاف من المخطوطات الخطية، التي نهبتها فرنسا، لقول “على سبيل المثال مخطوطة نادرة في تاريخ العالم، وهو المخطوط الأصلي في تاريخ الشيخ العدواني جد الشيخ محمد الطاهر العدواني، أصيل وادي سوف، وقد نهب الفرنسيون هذا المخطوط من قصر الصالح باي، ومئات الآلاف من المخطوطات، التي ثبت بأن لها لسان عربي فصيح، إضافة إلى اللغة التركية، ولها علماء كبار في شتى أنواع العلوم والفنون من الفلك إلى الفقه والأصول والتفسير”.
وأكد في سياق حديثه، على ضرورة استرجاع الجزائر لموروثها الثقافي المنهوب، وأشار بلغيث، إلى سرقة أكثر من 30 ألف بندقية من أجود أنواع البنادق التاريخية، التي اشتهرت بها البحرية الجزائرية والبحر الأبيض المتوسط. كما نهبوا خزينة الداي، بما فيها من تحف وأموال وذهب وعملات أجنبية، وقال المؤرخ: “هذه كلها تدخل في باب ما تحدث عنه أحد الفرنسيين في كتابه الشهير قصة نهب مدينة الجزائر، بالتالي نعتقد أن هذه الأشياء من لوحات، مخطوطات، أبواب وبنادق يضاف إليها مدفع بابا مرزوق، والذي يقبع في مدينة برست إلى يومنا هذا كلها تحف تعبر عن تاريخ وطن”.
رابح سلطاني