الشهيد عباس لغرور شخصية ثورية خاصة جدا مثلما يحكيها أخ الشهيد صالح في حوار خص به “ذاكرة الشعب”.
كان مدركا لظلم الاستعمار منذ حداثة سنه، تعدى حسه الوطني الحدود الاقليمية وحتى الوطنية، كان عباس يظهر الكثير من الإهتمام بكل النشاطات السياسية والإجتماعية في المدينة.
كان يرتاد نشاطات ولقاءات حزب الشعب الجزائري، وجمعية العلماء المسلمين، كان رجل ميدان انضم الى حزب الشعب الجزائري عام 1944، وعين مسؤولا في خلية المدينة نظرا لجديته في أواخر الأربعينيات.
أنشيء خلية طلابية وقام بتحسيس فئة التجار والعمال الصغار وبعض الفلاحين، وجسّ نبض الشعب لمعرفة الأكثر استعدادا منهم لخوض هذه الثورة، هذا ما أكده شقيقه صالح لغرور في حديث خصّ به موقع «ذاكرة الشعب» ننشر الجزء الأول منه .
كيف التحق الشهيد عباس لغرور بالنضال العسكري؟
صالح لغرور: ذاكرتي تحتفظ ببعض الصور التي لن تمحى عن أخي «عباس» فقد كان قوي البنية، طويل القامة، حسن المظهر والهندام، يخفي ابتسامة نادرة وراء شاربه الأسود الرفيع، شعره كان ممشوطا دائما إلى الخلف، لم يكن من النوع الثرثار فقد كان قليل الكلام غالبا ما أراه مطأطئ الرأس يبدو كأنه دائم التفكير.
كان يبدي اهتماما كبيرا بدراستي، يقدم لي التوجيهات بشكل منتظم ودائم، كما كان يحرص على نظافتي وحسن تغذيتي وفي كثير من الأحيان يقدم لي قطعة نقدية لشراء الحمص أو الفول المملح الذي كان يباع بالقرب من المدرسة آنذاك، كثيرا ما كنت أراه جالسا في دكان أحد المعارف يدعى»السوفي»، وفي بعض الأحيان يشتري لي حفنة من التمر ويضعها في جيب مئزري، ومن شدة نظافتي بفضل شقيقتي عائشة التي كانت تعيش معنا في البلدة، تلقيت مرة من مدير المدرسة السيد «فيري» قطعة نقدية «دورو».
رفض كل أنواع الظلم وتسلّط الإدارة الإستعمارية وأغتيل في ظروف لا تزال غامضة
ولد عباس بتاريخ 23 جوان 1926 وهي سنة انشاء حزب نجم شمال إفريقيا، سجله والدي عند ضابط الحالة المدنية آنذاك «لونزال جورج» بدوار انسيغة أو قبيلة أنسيغة وهو بالتحديد دوار يقع على بعد بضعة كيلومترات من مدينة خنشلة، أتذكر أن عباس كان يشتغل بمحل يقع داخل رواق منزلنا، على شكل سقف من حديد فيه القليل من السلع المعروضة، كان عباس متزوجا من ابنة عمته وله ثلاثة أطفال.
زاول عباس الدروس الإبتدائية بمدرسة الأهالي ( مدرسة مخصصة للسكان الأصليين) للمدينة، في أوائل عام 1933، وواصل تمدرسه حتى حصوله على شهادة التعليم الابتدائي وموازاة مع ذلك تابع تعليمه الديني واللغة العربية بالمدرسة القرآنية، كان تلميذا يقظا قليل الكلام نادرا ما تسمع صوته وعندما يتكلم يطرح دائما أسئلة مباشرة، غالبا ما تضع الطرف الآخر في موضع إحراج للإجابة.
طرد عباس من المدرسة بسبب حادث وقع له مع أستاذه، في أحد الأيام كان أستاذه يلعب التنس في الملعب المتواجد على بعد عشرات الأمتار من منزل العائلة، وهنا طلب الأستاذ من عباس أن يلتقط الكرات، إلا أن هذا الأخير رفض ذلك فأندلعت مشاداة كلامية بينهما، وانتقاما من عباس أخبره المعلم بأنه لم يعد باستطاعته الدخول الى المدرسة، إلا إذا اعتذر بحضور والده معه، لكن عباس طلب من والدي عدم الذهاب إلى هناك ،لأنه لا يرى سببا في الاعتذار للمعلم، وهو شكل من أشكال الرضوخ للظالم، وكان ذلك شكل من أشكال التمرد.
انخرط في صفوف الحركة الوطنية وعمره لم يتجاوز 18 عاما ، وكان عباس يرفض كل أنواع الظلم والتسلط المستمر من طرف النظام الاستعماري، مما دفعه لأن يكون شديد الحساسية تجاه أي شكل من أشكال الظلم حتى على المستوى العائلي، وهنا أتذكر موقفه الشجاع المؤيد لشقيقته التي رفضت أن تتزوج ابن عمها، مثلما تقتضي العادات والتقاليد بالمنطقة، واستطاع إقناع والدي بعدم تزوجيها لإبن عمها، وهذا أمر نادر الحدوث في ذلك الوقت.
عباس كان مدركا لظلم الاستعمار منذ حداثة سنه، ابتداء من الثورات المستمرة في الأوراس سنوات 1871 و1916 ومجازر 8 ماي 1945، كلها أمور نمت بداخله وبداخل شباب جيله للانتفاض ضد النظام الاستعماري، بسبب الواقع المرير المعاش آنذاك، كما أن كلمة «تحرير» المستخدمة في ذلك الوقت من قبل الصحافة والإذاعة الفرنسية بعد الانتصار على الألمان وتحرير باريس، أدت إلى تفتح عقله وشحذ ضميره.
شارك عباس رفقة مجموعة من المناضلين في مظاهرات 8 ماي 1945 نظمت في مدينة خنشلة، أين تم رفع العلم الجزائري لأول مرة من طرف تيجاني عثماني، الذي مرره إلى عباس ومنه الى مرير ثم الى كشرود فبن عباس غزالي خوفا من أن يقع في أيدي الشرطة الفرنسية، هؤلاء استشهدوا جميعا في ميدان الشرف، وهم من شكلوا النواة التي أشعلت فتيل ثورة أول نوفمبر 1954 في هذه المنطقة، بحيث لم يتم تداول هذه المظاهرات إعلاميا.
بالرغم من أن عباس كان يعيش في أعماق جبال الأوراس النمامشة، بعيدا عن الدوائر السياسية ومختلف التفاعلات التي كانت حكرا على المدن الكبرى، إلا أن فطنته وفضوله منذ حداثة سنه، كان يستمع للراديو والذهاب الى السينما وقراءة كل ما تقع عليه عيناه كل هذا مكنه من تشكيل رؤية واضحة، إلى حد ما عن واقع الاستعمار في الجزائر، وعن الوضع السائد في العالم آنذاك .
لقد كان منزلنا في الدوار نقطة عبور وتوقف الحجاج، القادمين سيرا على الأقدام من المغرب ومن مناطق أخرى من الجزائر، والقاصدين مكة أو العائدين منها وحتى بعض المتطوعين للجهاد في فلسطين سنة 1948، كل هؤلاء الذين كانوا ينقلون أخبارا مختلفة عن أحداث الحرب في المشرق، وكان الوالد يعرف شغف عباس وحبه لمعرفة جديد الأخبار في العالم، لذلك كان يدعوه للاستماع لآخر المستجدات التي يأتي بها الحجاج من هنا وهناك، وهكذا أصبح ملما بما كان يحدث في تلك الحقبة من الزمن.
بالمقابل، بعض الأقارب الذين عادوا من جبهة القتال بعد الحرب العالمية الثانية نقلوا له معاناتهم والظروف القاسية التي عاشها المجندون جبرا في هذه الحرب، وكيف مات الكثير منهم أثناء القتال لكي تنتصر فرنسا على الألمان، مما ساهم في أن تكون لديه رؤية عامة للأوضاع تتعدى البعد الوطني، وزاد وعيه وثقافته .
نجح في الحصول على منصب عمل، عند حاكم البلدية المختلطة في مدينته، أولا بصفة حاجب عند الحاكم فكانت مهمته توزيع البريد واستقبال الزوار القادمين لمقابلة حاكم المدينة، ثم عمل كطباخ لدى نفس الحاكم، وقد سمح له وضعه هذا بأن يشاهد عن كثب ومن الداخل حقيقة النظام السائد في هذه البلدة، ويدرك مدى الظلم واللامساواة في المعاملة ومستوى المعيشة بين الجزائريين والأوروبيين.
هوايته صيد العصافير، التي كان يأخذها إلى حاكم مدينة خنشلة كي يربط ثقة كبيرة به، وهناك شهادات مفادها أن زوجة الحاكم كانت معجبة بأخلاق عباس لغرور، وطلبت أخذها لرؤيته بعد طرده من عمله كطباخ ، كما أن راتبه لم يتوقف لمدة ستة أشهر.
عباس كان مساعد شيحاني بشير المكلف بالشؤون العسكرية، قائد حرب بإمتياز لتنظيم حرب العصابات، بدأ بتحسيس السكان والتقرب منهم فبدونهم لا يمكن شن أي عملية ناجحة على العدو، الكمائن كانت تتم بعد دراسة للموقع وموضع كل مجاهد حسب نوعية سلاحه، وصفه «فرال دومنيك» بأنه القائد الثوري الوحيد في الجزائر، الذي ألحق بالجيش الفرنسي أكثر الخسائر من بداية نوفمبر 1954، إلى 25 جويلية 1957 وهو تاريخ إعدامه.
عند اندلاع الثورة كلف عباس بتسيير الهجوم على مدينة خنشلة، وتنظيم أفواجه ، فنظم هجوما أدى إلى مقتل أول ضابط فرنسي معروف رفقة عسكريين، هذه العملية كانت من أنجح العمليات على مستوى الوطن، وأصبحت خنشلة آنذاك متصدرة الصفحات الأولى في الصحافة الفرنسية وأحدثت ضجة إعلامية ، بما في ذلك الجرائد العربية التي تكلمت عن العملية، كما خلفت نجاحا بسيكولوجيا هاما جدا للثوار.
هذا النجاح كان لعباس الدور المهم في التنظيم العسكري، اعترف العدو بشجاعته والتخطيط الحربي الذكي الذي كان يطبقه في الميدان، وفي شهادة لجنرال فرنسي يدعى «مارتن دولاسال» يروي أنه حين سقط جندي فرنسي جريح لم يجهز عليه عباس لغرور، بل وضعه وسط الطريق تاركا معه رسالة يقول فيها:» أنا لا أذهب إلى الحرب ، أنا لست قاتلا».
اعتبره الفرنسيون واحدا من أكثر قادة جيش التحرير الوطني حنكة، تكون في مدرسة حزب الشعب، وكان دائما في الصدارة في العمل العسكري الجريء، كان صاحب حيلة ملحوظة في التنظيم، تميز بمآثر عسكرية لا مثيل لها في تاريخ جيش التحرير الوطني في الولاية الأولى، كان إنسانيا في تعامله مع أسرى العدو.
وصرح الجنرال بيجار في مذكراته، قائلا:» لي الشرف أن أواجه قائدا في المستوى يتمتع بتقنية كبيرة»، وصفه المؤرخ الفرنسي أنري علاق بجياب الجزائر.
ما هي أهم المعارك التي خاضها الشهيد لغرور؟
خاض المعارك في كل جهات الأوراس- النمامشة، يوميا في الميدان وعددها 163 معركة كان يقول أنه لو بقينا ثلاثة أيام دون محاربة فرنسا ، فهذا خيانة للجزائر، مساعدوه من المجاهدين الذين شاركوا معه بنجاح في معارك كبرى منحدرين من جميع مناطق الجزائر، ولقد تكونت فرقة عسكرية هجومية بمنطقة خنشلة تحت قيادة عباس لغرور تضم 40 مجاهداً، شاركت في عدة هجومات ومعارك نذكر من بينها: معركة تفاسور (ششار) 1955، معركة لبعل بكيل جانفي 1956، معركة الزاوية مارس 1956، معركة وادي الجديدة جويلية 1956، معركة كنتيس مراح البارود أكتوبر 1956، معركة عباس لغرور أكتوبر 1956، معركة البياضة استمرت 24 ساعة متواصلة ومعركة الجرف الكبرى في سنة 1955. ونشير إلى أنه من أولى الأهداف التي هاجمها الثوار تحت قيادة عباس لغرور، دار الحاكم بعد قطع التيار الكهربائي.
تعرفنا على عباس لغرور كقائد ثوري محنك، ماذا عن عباس الإنسان كيف كانت معاملته مع أهله ورفاقه؟
كان عمري حوالي 7 سنوات، أتذكر شكله إنسان هادئ تماما، لا يتحدث كثيرا يقف بجانب الضعيف، أبا ودودا، لكن مودته مكتومة، يكن احتراما كبيرا لوالديه، يدافع عن القضايا العادلة حتى ولو كانت التقاليد ترفضها، كان دائما يقف الى جانب الفقراء، وكان يغضب عندما يقف أمام أشكال الظلم، لم يكن يتسامح مع أي تجاوزات يمكن أن تضر بمسيرة الثورة التي كان يعتبرها مقدسة.
إن أهم مميزات عباس لغرور، التواضع الشديد والطيبة والأخلاق الكريمة والتدين القوي لا يتهاون عن أداء صلاته والإستقامة والشخصية المؤثرة، كان كريم اليد واللسان سرعان ما يثق فيه الفرد، مثقفا بالفرنسية لكن إرادته الصلبة جعلته يتعلم العربية إلى أن تمكن الكتابة بها، لم يكن رجل مكائد يدرك ما يفعله، لم يتهرب يوما من مسؤولياته، رجل منضبط يحترم التسلسل القيادي، وحنون.
ماذا عن قضية شيحاني بشير واتهام عباس لغرور بقتله لأسباب دينية ودنيوية؟
هذه تهم خطيرة ضد رجل دفع حياته ثمنا لإلتزامه الثوري المقدس لتحرير الجزائر، فالكاتب محمد زروال لا يعطي تفاصيل عن هذه القضية وهذا من حقه، خلاف ذلك يشير إلى أن عباس استشار أحد علماء الدين المحليين بشأن هذه المسألة، وأن هذا الأخير قد أضفى الشرعية على الحكم بالعقوبة القصوى وهي الإعدام، كما يذكر أن شيحاني حوكم بحضور 150 مجاهدا وأنه اعترف بالتهم المنسوبة إليه وأن جميع المجاهدين استحسنوا الحكم، وقد تمادى المؤلف في تكراره لاتهامات غير مؤسسة ضد عباس لغرور عبر إصداره لأحكام شخصية مبنية على القيل والقال، وعلى افتراضات مستنتجة من محض الخيال.
وذكر أيضا أن، عباس وعجول كانا يغيران من شيحاني بسبب علو مستواه الثقافي، مما دفع بن بولعيد إلى تعيينه ليحل محله في غيابه، أعيب على الكاتب هذه الزلة وأنبهه إلى أنه من العبث اعتبار عباس وعجول جاهلين للدرجة التي يصلان فيها، إلى قتل شيحاني لأن مستواه التعليمي أعلى من مستواهما، كما أنبه إلى أن عباس وعجول كانا يعرفان شيحاني جيدا قبل الثورة، فقد كان مسؤولا عليهما، فلو كانا يشكان فيه أو يغتاظان من مستواه الثقافي كما يروج الكاتب، لرفضا تنصيبه كمسؤول على المنطقة الأولى بالنيابة حال تفكير بن بولعيد في تعيينه.
فلقد تجرأ المؤلف على اطلاق احكام جزافية ضد عباس لغرور، بل أهان ذكرى عباس وذكرى شهداء اخرين لما استعمل ألفاظا مخالفة للأخلاق مثل دموي ، فعباس لم يكن دمويا كما يدعي الكاتب.
وأشير إلى أن الكثير من الشهادات تؤكد بأن عباس لغرور، لم يكن يهتم بالسلطة أبدا وأنه لم يكن رجل عصبة، فقد كانت عصبته الوحيدة هي فريق المقاتلين الذين يقارعون قوى الاستعمار ، هو الزاهد في المسؤولية والمنزه عن الخلافات. ولم يكن رجل مكائد ودسائس وأنه يقدم على فعل ما اقتنع به علنا دون اللجوء إلى المؤامرة، ولم يكن لديه نزعة قبلية أو جهوية تدفعه لمناهضة قبيلة أو جهة ما لأنه تربى في الحركة الوطنية. ناضل من أجل الوحدة المغاربية من خلال المشاركة في جيش التحرير المغاربي، لم يظهر أبدا انتماءه إلى قبيلة أو جهة، لم تكن أفكاره سجينة قمم الأوراس والصخور الضخمة لجبال النمامشة .
ماذا تعرف عن ظروف استشهاد عباس لغرور؟
لم أعرف كيف استشهد، لم أكن واعيا بأهميته في التاريخ وفي يوم من الأيام قرأت في جريدة «باري ماتش» لسنة 1956، أن عباس لقب بقائد ولاية النمامشة الأوراس، حينها أدركت أهمية الدور الذي لعبه إبان حرب التحرير الوطني، فسألت في السفارة والخارجية وإنتقلت لتونس للبحث عن قبره، المناضلون لم يتحدثوا عن وفاته، راسلت الجهات المعنية لكنني لم أتلق الرد، بقيت أبحث عن الحقيقة إلى غاية سنة 1984 في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد تم إحضار رفات الشهداء الذين ماتوا في الخارج،عبان رمضان و15 شهيدا بمن فيهم عباس لغرور ودفنوا رمزيا في مقبرة العاليا.
في تلك الأثناء بدأت الأمور تحل، إلى غاية انعقاد مؤتمر في قصر الثقافة لكن قضية عباس لم تطرح إلى غاية سنة 2000، صدرت مذكرات تضم شهادات مجاهدين منهم الفقيد المجاهد بن عودة و شهادة للفقيد المجاهد ايت أحمد في كتابه «الحرب وبعد الحرب» الصادر سنة 1964.
حسب الرائد الطاهر سعيداني أحد قادة القاعدة الشرقية، فإنه بعد عزل علي محساس قامت لجنة التنسيق والتنفيذ وبمساندة من السلطات التونسية، بتوقيف عباس لغرور الذي كان قائدا للولاية الأولى، وسجن بعد تجريده من سلاحه، وقرر كريم تعيين محمود شريف على رأس الولاية الأولى ومعروف أنه كان ضابطا بالجيش الفرنسي، مما جعل مجاهدي الولاية يرفضونه كقائد لولايتهم، وأدى ذلك لحدوث مشاكل ضمن المجاهدين، وأراد كريم السيطرة على الولاية فأسس بموافقة لجنة التنسيق والتنفيذ محكمة عليا على رأسها علي مخناش، هذا الأخير حكم بالإعدام على عدد من أبطال الثورة منهم عباس لغرور، شريط لزهر، حاج علي.
فاتجه عباس ولزهر نحو الحدود التونسية للالتحاق بوحداتهما، فصدرت الأوامر من اللجنة بالقبض عليهما، ووضعا تحت الإقامة الجبرية من طرف السلطات التونسية وتسليمهما إلى جبهة التحرير الوطني، وكونت لهما شبه محاكمة عسكرية والنتيجة هي تنفيذ حكم الإعدام بتهمة التآمر في ربيع 1957.
– على هذا الأساس فكرت في تأليف هذا الكتاب حول الشهيد لغرور؟
منذ صغري وأنا أجمع الشهادات، وكنت أنتظر شخصا آخر يكتب عن عباس لغرور خاصة عندما اكتشفت الدور الهام الذي لعبه إبان حرب التحرير، لكن لا أحد كتب عنه وحين وصلت إلى سن التقاعد أخذت المبادرة بهدف إزالة الضبابية التي استمرت أكثر من أربعين سنة حول ظروف إغتياله، وأوضح دوره في الثورة بإظهار شخصيته العسكرية وإلتزامه بمبادئ الفاتح نوفمبر 1954 في إطار الشريعة الإسلامية.
– هل تلقيتم عروضا لإنتاج أفلام توثق لمسيرة الشهيد النضالية؟
في كل مرة يتحدثون عن إنتاج فيلم ورصدوا ميزانية لذلك، لكن لا شئ تجسد على أرض الواقع، هو يستحق أفلاما تكون في مستوى رموز الثورة، وأن تحمل بعدا وطنيا.
رسالتك للأجيال الصاعدة؟
أوصي شباب اليوم بتثمين رموز الثورة، وتقدير تضحياتهم في سبيل تحرير الجزائر تاركين أملاكهم
وأولادهم مستعملين وسائل قليلة، سلاحهم الوحيد هو إيمانهم بالانتصار على العدو، يجب أن يكون قدوة لجميع الشهداء.