معركة إسيين الواقعة بتاريخ 5 أكتوبر 1957 صورة حية لتضامن الأشقاء العرب مع القضية الجزائرية ومن المعارك الهامة في تاريخ الثورة التحريرية، ومن المعارك التي بينت أن الثورة لا تملك حدودا وأن المواجهة على جميع الجبهات، يقول الأستاذ المرحوم بشير مديني في مقال له نشر بمجلة أول نوفمبر في العدد 168 في جويلية 2006.
يوضح الأستاذ ظروف المعركة وهو أن الثورة مرت سياسيا وعسكريا بمرحلة عصيبة منها خروج لجنة التنسيق والتنفيذ مجبرة من الجزائر العاصمة، وبالتالي ضعف مسألة أولوية الداخل على الخارج مثلما جاء في مؤتمر الصومام، القاء القبض على الشهيد العربي بن مهيدي نهاية فيفري 1957 واستشهاده مارس 1957، بعدها استشهد علي بومنجل في نفس الشهر.
إضافة إلى أن بعض الصعوبات التي لاقتها حرب الكمائن وتقسيم الجيش خاصة بالشمال، وبداية انجاز الخطوط المكهربة بالحدود الشرقية والغربية شال- موريس .
تشير التقارير العسكرية الفرنسية آنذاك إلى انطلاق المعركة من الأراضي الليبية يوم الثالث من أكتوبر 1957 على الساعة 9.15 صباحا، بدأت مهاجمة النقطة الحدودية تينالكوم انطلاقا من وادي “إسيين” بإنقسام قوات المجاهدين والليبيين في ثلاثة أقسام لضرب ثلاثة أهداف بتيناكوم.
تمكن المجاهدون من إصابة أهدافها بدقة رغم العدد الهائل من القوات العسكرية الفرنسية منها كتيبة صحراوية مؤلفة من اللفيف الأجنبي بقيادة “لويروست”، كتيبة صحراوية محمولة ومعها 7 سيارات عسكرية بقيادة “منيوت”، مدافع رشاش ومن معها من عسكريين بقيادة “بوست” ، قوات أخرى متعددة بقيادة “بوتي”.
أما القوات الجوية التي دخلت المعركة في حدود منتصف النهار إلى غاية الساعة الثانية تمثلت في ثلاث طائرات مطاردة من نوع م د315 MD وهي تابعة للفيلق العامل وراء البحر، حاولت ملاحقة المجاهدين داخل الأراضي الليبية والحصيلة استشهاد حوالي خمسين مواطنا ليبيا.
تكررت معركة إسيين بعد أقل من سنة بتاريخ الـ25 سبتمبر 1958 لكي ترد فرنسا بقوة ، لكن هذا لم يثبط من عزيمة المجاهدين الذين دمروا العديد من الأليات العسكرية التي ما تزال اثارها إلى اليوم.
ويخلص الباحث إلى أنه من بعض نتائج المعركة اعتماد الثورة استيراتيجية جديدة وهي فتح جبهات جديدة تشتت بها القوة الفرنسية والإبتعاد عن الخطوط الجهنمية (شال وموريس)، الكفاءة التي سيرت بها الثورة المعركتين الأولى والثانية في منطقة صحراوية، ودور الأشقاء الليبيين في مساندة الثورة الجزائرية وكذا التوقيت الذي جاءت فيه المعركة وهو توقيت اتساع الإعتراف بالقضية الجزائرية في المحافل الدولية وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة، اضطراب حال فرنسا التي أصبحت في حرجين الأول خارجي أمام المجتمع الدولي والثاني داخلي أمام الراي العام الوطني الفرنسي.