ولد الشهيد النقيب حيحي المكي بعين البيضاء في 25 اكتوبر 1932 ونشأ في حضن كتاتيبها ومدارسها وترعرع في حراكها النضالي الوطني الذي ورثه من تربية أبيه الوطنية ، المناضل “حيحي ليامين” شهيد اتتفاضة 8 ماي 1945 بسوق الاثنين، ولاية بجاية حاليا .
عزز مساره و استلهامه لمعاني الوطنية والحرية والتحرير من شيخ المناضلين في الحركة الوطنية بالمنطقة ،”الشيخ بلڨاسم البيضاوي – زيناي بلڨاسم” .. هذا الاخير الذي لقنه أصول النضال وأبجديات الكفاح على أدراج مدرسة “حركة انتصار الحريات الديموقراطية والمنظمة الخاصة بالمنطقة.
تحصل الشهيد على شهادة البكالوريا بدرجة جيدة في سن مبكرة وعلى الشهادة العليا بالثانوية الفرنسية الاسلامية Lycée franco-musulman بالعاصمة.
عُين استاذا بثانوية قسنطينة وتخصص ايضا في الترجمة .. كان هذا قبل الثورة بقليل .
من الاعتقال الى قيادة أسود التحرير
مع بداية الثورة انخرط الشهيد في صفوف “المنظمة المدنية لجبهة التحرير – OCFLN” لناحية قسنطينة ملحقا بقيادة التنظيم ، مكلفا بالتخطيط والتنظيم الى غاية 15 نوفمبر 1955 تاريخ اعتقاله بسبب وشاية خائن كان يترصده.. والزج به في معتقل “الجرف بالمسيلة” .
بادر الشهيد بمجرد التحاقه بالمعتقل في احياء التنظيم الثوري للمعتقلين وإعداد خطة مع المخلصين منهم ، لتنفيذ عملية فرار جماعي والالتحاق بصفوف جيش التحرير المنتشر بمنطقة الاوراس . وبعد مدة نجح الشهيد في تنفيذ عملية فرار جماعية جريئة ومنظمة لتهريب 50 مناضلا في ثلاثة مواعيد و بتوقيت مختلف وعلى ثلاثة افواج . وكان الشهيد قد اختارته القرعة ضمن الفوج الثاني الذي تم تحريره في شهر أفريل 1956 .. وقد تم تحرير الفوج الاول في جانفي 1956 والفوج الثالث تحرر في شهر جويلية 1956.
أحدثت هذه العملية الجريئة المحكمة التخطيط والتنظيم والتنفيذ نشوة كبيرة لدى مفارز جيش التحرير وقياداتها داخل منطقة الأوراس وخارجه .. وضربة قاصمة لدعاية الاحتلال المغرضة الموجهة ضد المعتقلين السياسيين والوطنيين والمتعاطفين مع الثورة في المعتقلات . وقد علقت على الحدث بعض الصحف ، منها “صحيفة صدى قسنطينة – la dépêche de Constantine” والصحف اليسارية . وقد أشاروا الى اسم مخطط العمليات الثلاثة “حيحي المكي” .
عين الشهيد في صيف 1956 بمصلحة الكتابة والتحرير بمقر الولاية الاولى ، لإتقانه الترجمة باللغتين . لكن سرعان ما أظهر كفاءته في التنظيم و القيادة ما أهله بالتدرج في سلم المسؤوليات الى غاية تقليده رتبة ‘نقيب – capitaine’ ، مسؤولا عسكريا وقائدا على المنطقة الاولى (بوطالب) للولاية التاريخية الاولى/ اوراس النمامشة .
عرف عن الشهيد خلال فترة قيادته للمنطقة الاولى ، تميزه بالصرامة في تطبيق القانون الداخلي والحرص على فرض الانضباط و احترام مبادئ الثورة والالتزام بها ، مثلما عرف عنه حنكته في القيادة والتخطيط للعمليات العسكرية .. وعن مواقفه ايضا وتشدده القاسي ضد الحركى والڨومية و والخونة .
في أول نوفمبر 1954 ، اقيمت الذكرى الثالثة لاندلاعها في مكان يدعى “البعاطشة – باولاد تبان” في مسرح عمليات المنطقة الاولى اين عقد اجتماعا لمجلس المنطقة و اسدى تعليمات و توجيهات قبل سفره الى تونس للاجتماع بالقيادة التي استدعته .
في 22 نوفمبر بدأت رحلته مع مأمورية السفر . وبعد قطع المرحلة الاولى من مشواره والتي دامت اسبوعا وعلى إثر وشاية ، باغتته قوات العدو على مشارف سهل “الخليج” ، أحد سهول “الحضنة” الذي يطل عليه جبل “بوطالب” المنيع شمال شرق “بريكة” طوقت قوات الاحتلال منافذ الناحية التي تتواجد بها مفرزة الشهيد الذي قرر مواجهة الموقف الناشئ في معركة عنيفة انتهت باستشهاده رفقة الضابط الاول : “صالح عبد الصمد” عضو قيادة المنطقة و الملازم “سعدان حفناوي” المسؤول السياسي لناحية “بريكة” و ذلك بتاريخ 30 نوفمبر 1958.
بعد ثلاثة ايام نشرت الصحافة الخبر رسميا وتم تأخير الاعلان عمدا لأغراض عسكرية وسياسية ايضا . بعد الاستقلال نقلت رفاته الى عين البيضاء وأعيد دفنه بقلب المدينة بجانب الشهيدة البطلة “لوصيف مباركة”.
من صفحة مديرية المجاهدين وذوي الحقوق لولاية مستغانم