كتب القائد التاريخي ديدوش مراد مقالة في جريدة المجاهد، التي كانت تصدر زمن الثورة التحريرية عبر فيه عن رأيه في موضوع يبدو اليوم “عادي”، لكنه في ذلك الوقت كان إنارة لمن يريدون فهم ما كانت تنويه فرنسا في أرض الشهداء.
هذا عنوان ونص ما كتبه الشهيد البطل:
العائلة العسكرية والسياسية الإستعمارية
بقلم ديدوش مراد
اليوم في الجزائر، حتى الإستعماريين الأكثر تصلّبا في الرأي متفقون على الإعتراف، متأخرين بإفلاس الحل العسكري الفرنسي نهائيا.
لقد وعد “الإشتراكي” لاكوست، صاحب مشروع “سياسة السلم” بإنهاء حرب الجزائر قبل سبتمبر 1956.
وسجلت جريدة فرنسية، أن وجود 600.000 جندي يترجم في الواقع النسبة الرهيبة: جندي لكل مدنيين أوروبيين.
بعد الجنرال جاكو وآخرين (بعضهم استخلص الدرس من تجربة الهند الصينية)، الماريشال جي النصير التقليدي لاستعمال القوة، نادى هو الآخر بحل سياسي فيدرالي للجزائر.
تكشف هذه “الديغولية” عن الرأي العميق والمؤسف لقيادة الأركان الفرنسية التي أصبحت مقتنعة وهي مكرهة على ذلك بأن الأمور ستنتهي لصالح الثورة الجزائرية.
تترجم المقابلة الأخيرة والعاصفة بين غي مولي والجنرال لوغيو بالجزائر اضطراب القادة السياسيين الفرنسيين، الذين يلقون تبعة مسؤولية الإخفاق الصريح لـ”سياسة السلم”.
أكد الحاكم العام السابق، الإشتراكي ناجلان “يوم 16 سبتمبر على وجود خلاف بين السياسيين والعسكريين. ففضح بذلك عدم قدرة القيادة العليا لمنع الفساد الخطير والانحطاط الأخلاقي للجنود الفرنسيين.
في الحقيقة لم يكن الإفلاس كارثيا على الصعيد العسكري فقط، لكن أيضا على الصعيد السياسي.
يتجلى هذا الإخفاق المزدوج من خلال تنوّع مشاريع “القوانين” الهجينة التي يريدون مرة أخرى مكافأتنا بها. الاضطراب أكبر مما يمكن تصوره لدرجة أن الحكومة الفرنسية لا تعلم إذا كانت إحدى “تشريعاتها الجديدة” ستمنح أو يتم التفاوض عليها.
ومثل العديد من الوعود الإحتفالية، فإن هذه الأخيرة يظهر منذ البداية أن الرياح ستذروها.
وحسب معرفتنا السابقة بهذه المشاريع “التشريعية”، إنها تستند على فكرة أساسية عريضة لا مركزية، وقائمة على الإستقلال الذاتي. من خلال فكرة الإنتخابات من طرف هيئة واحدة لمجلس سيكون إقتصاديا وله ثقل أوروبي بحكومة يترأسها وزير منتدب فرنسي.
إن الموقف المتذبذب المخادع والأناني للحكام الفرنسيين في الفيتنام، تونس والمغرب يمثل درسا حقيقيا مفيدا للشعوب التي تناضل من أجل تحقيق إستقلالها الوطني.
فليعلم الحكام الفرنسيين أن هذه “التشريعات” ذات الصبغة الإصلاحية سيرفضها الشعب الجزائري الذي يحارب بالأسلحة من أجل تحقيق الحل الثوري الوحيد: استقلال الجزائر. إن كل المناورات الصعبة لا يكشف عنها.
لقد وصلنا إلى مرحلة حيث ـ بعد الإضراب المفتوح للطلبة ـ أصبح أبناؤنا متشبعين بالإحساس الوطني الجماعي، ويرفضون الإلتحاق بالمدرسة الفرنسية.
ترجمة: ذهبية عبد القادر