اعتبر المؤرخ فؤاد سوفي أن الاعتراف بمسؤولية فرنسا بعواقب تفجيراتها النووية بالجزائر يبقى مطروحا، داعيا الى الحصول على الأرشيف الفرنسي للجيش والخدمات الصحية المتعلق بتلك الفترة الاستعمارية.
يقول المؤرخ إن العواقب الوخيمة للتجارب النووية على حياة وصحة سكان الجنوب الجزائري لا تزال تطرح “مشكل اعتراف فرنسا بمسؤوليتها في هذا الحدث المأساوي”.
الكيل بمكيالين
وأضاف: “أشكك كثيرا في أن الاعتراف يعني التعويض تلقائيا”، مذكرا بسياسة “الكيل بمكيالين” التي تعتمدها فرنسا تجاه الجزائر وبولينيزيا الفرنسية فيما يتعلق بالمسألة النووية علما أن فرنسا وافقت على الاعتراف بمسؤوليتها في بولينيزيا.
والأدهى من ذلك ذهب الرئيس ايمانويل ماكرون الى حد التحدث عن “دين” بلده نظير التجارب التي قام بها خلال الفترة الممتدة بين 1966 و1996 بهذا البلد.
ورد سوفي على ذلك قائلا: “لا يمكنني الا أن أذكر أن بولينيزيا فرنسية بينما الجزائر ليست كذلك منذ 60 سنة، اضافة الى 132سنة من الاحتلال. وأعني بذلك أن الشعب الجزائري لم يقبل أبدا بالوجود الفرنسي، وأنا أجهل ما يريده سكان بولينيزيا غير أن المسؤولين الفرنسيين حسب وجهة نظري لا يمكنهم سوى منح تعويضات وتقديم الاعتذار لمواطنين فرنسيين”.
وأوضح أن رفضهم ذلك لمواطني بلد أجنبي يعد أمرا مشينا ويعزز سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها فرنسا تجاه الجزائريين، مؤكدا أن قانون مورين المتعلق بالاعتراف وتعويض ضحايا التفجيرات النووية الفرنسية “لا يخص الجزائريين ما دام الأمر يتعلق بقانون فرنسي أُعد للفرنسيين”.
وطرح المتحدث مشكل الشهود الذين رحلوا جميعهم تقريبا في الجزائر حيث لم يبق عموما سوى أحفاد الضحايا الذين هو أنفسهم يعانون من اصابات خطيرة اثر هذه التفجيرات النووية.
واشار سوفي الى أن المشكلة الثانية تتعلق بالوصول الى الأرشيف الفرنسي للجيش والخدمات الصحية المرتبطة بهذه التفجيرات، داعيا الى فتح هذا الأرشيف.
بخصوص معرفة إن كانت مسألة التكفل بالملف النووي الفرنسي في الجزائر مرهونة بتسوية نزاع الذاكرة بين البلدين، رد المؤرخ قائلا: “الخلاف حول الذاكرة هو مسألة أكثر تعقيدا حيث أن كلا البلدين له الحق في ذاكرته التاريخية الخاصة به، وليس هناك ما هو أكثر تعقيدا من احترام الذاكرة التاريخية للآخر”.