عرضت في الصالون الدولي للكتاب، في طبعته الـ25، إصدارات كثيرة من الكتب التاريخية سواء شهادات صناع الثورة أو تاريخ المدن والحواضر بالجزائر.
حظيت هذه الإصداارت بإقبال منقطع النظير للجمهور على تلك الكتب، حسب تاكيدات مسؤولي مختلف دور النشر في تصريحات لـ”ذاكرة الشعب”، على هامش الصالون.
تؤكد لامية حماش، مديرة النشر بالمؤسسة الوطنية للإتصال النشر والإشهار، أن الكتاب التاريخي يحتل دائما الصدارة في المؤسسة منذ تأسيس المنشورات إيمانا منها بأهمية التاريخ عبر تلبية إحتياجات الساحة الوطنية من خلال كتب في التراث والتاريخ، لاسيما نحن بصدد الاحتفال بالذكرى الـ60 لإسترجاع السيادة الوطنية هذه السنة.
وتقول: “هناك شريحة من المجتمع مهتمة بالكتاب التاريخي، أكثرها أشخاص عايشوا الثورة يحبون المواضيع التاريخية والسياسية، والرواية باللغة الفرنسية من خلال تجربتنا في الميدان وأصداء من المكتبات التابعة لنا. هناك نساء يتوجهوا إلى الرواية باللغة الفرنسية أكثر من الرجال”.
وتوضح حماش أن مجمل منشورات المؤسسة تتعلق بكتاب الطفل والأدب، كلها تصب في التاريخ وكتب فاخرة في التراث والتاريخ، مثلا كتاب قلعة بني حماد للمؤرخ خليفة عبد الرحمان، تاريخ ما قبل العصور لجينا توماسي، كتاب حول سيرة ملوك الجزائر للسوسيولوجي رشيد سيدي بومدين، ومؤخرا ذاكرة الطهي الجزائري مع يسمينة سلام وهو كتاب يتناول الطهي الجزائري من الجانب السوسيولوجي والتاريخي وليس الوصفات.
إضافة إلى كتب حول الإبادات الإستعمارية لمصطفى خياطي، ، كتاب الأمير عبد القادر حلفائه وأعدائه لعمار بلخوجة وكتاب آخر حول الاستقلال المالي غداة الاستقلال لمسؤول في المالية آنذاك يسمى محفوظ العوفي وهو بمثابة شهادات تاريخية.
وتضيف مديرة النشر بالمؤسسة الوطنية للإتصال النشر والإشهار: ” الأدب أيضا حاضر من خلال روايات تاريخية حول شخصية تاريخية من القرن الـ18 يتناولها جون باتيست إيفات هو فرنسي، تطلب انجاز هذا الكتاب عمل توثيقي لمدة أربع سنوات بين الأوراس وبسكرة”.
ورواية تاريخية أخرى بعنوان على “مسارات حرائق الرمال sur les chemins des sables feux” لصاحبه إبراهيم صدوق، وديوان شعري ليست له علاقة بالتاريخ، للشاعرة أمينة عبدات بهدف تشجيع مثل هذه الأقلام، وكتاب الطفل يتناول شخصيات تاريخية من خلال سلسلة موجهة للطفل شرع في نشرها في 2018 تحت عنوان “أعلام ومعالم من تاريخ الجزائر”.
وفي هذا الإطار، توضح حماش أن المرحلة الأولى كانت الفترة الرومانية تناولت أهم الشخصيات والمعالم من تلك الفترة مثل ماسينيسا، يوغرطة، يوبا والضريح الموريتاني وأبوليوس، وتقديم ملخص عن كتاب “تحولات الحمار الذهبي” موجهة للطفل في قالب مشوق، ومجسدة بصور، أما الفترة الثانية في 2019 كانت الفترة العربية الإسلامية بشخصيات معروفة طارق بن زياد، الكاهنة.
وعُرضت ثلاثة عناوين من الفترة العثمانية في هذه الطبعة عن الحاج أحمد باي والرايس حميدو، وحمدان خوجة.
وتؤكد أن هذه الطبعة شهدت إقبالا منقطع النظير، خاصة بعد عامين من الإنقطاع الإضطراري الذي عشناه.
وتكشف في هذا الصدد عن إستحداث منصة تقنية للتواصل مع القراء بالتوصيل من طرف بريد الجزائر خلال جائحة كورونا.
وتقول: “حاولنا الإقتراب من القارئ، إلتمسنا من خلال المنصة شغف القارئ للكتب التي نصدرها واهتمام بالغ بالمواضيع التي نطرحها نعمل على إقتناء الأجود من النصوص ونشتغل على الحفاظ على التراث المادي واللامادي”.
وتضيف: ” تجاوزنا مرحلة التعريف بالمؤسسة الرائدة في النشر، نشتغل مع باحثين ومؤرخين مرموقين ليسوا بحاجة إلى التعريف بأسمائهم، بقدر ما هم بحاجة إلى إشراك الغير بما يكتنزونه من معلومات”.
وتؤكد المتحدثة أن مشاريع النشر متواصلة، حيث بذلت المؤسسة جهدا لإصدار عدد أكبر من الكتب، وحضرت باقة من الكتب ستصدر بمناسبة الذكرى الـ60 لإسترجاع السيادة الوطنية،وأخرى بمناسبة أول نوفمبر.
وتضيف: ” أنا لا أتفق مع من يقول أن القارئ الجزائري لا يقرأ. طبعا يجب أن تكون هناك دراسات لمعرفة نسبة المقروئية في الجزائر، نحتاج تشجيعا أكثر، لكن في كل مرة نشارك في الصالون نلاحظ إقبال للجمهور على جناحنا”.
نعيمة بلجودي: نعاني أزمة ورق
نفس الأمر تؤكده نعيمة بلجودي، مديرة دار النشر “الكلمة”، بالقول: “كتب كثيرة يهتم بها القارئ،هناك من يشتري مذكرات كلوزي يقتني معها كتاب فرناند ايفتون”.
وتشير إلى أنه لم تحضر نفسها للمشاركة في هذه الطبعة، خاصة وأن جائحة كورونا أثرت على نشاط الناشرين، وهناك عناوين كتب تاريخية ما تزال تحت الطباعة بسبب مشكل نقص الورق، وعدم ديمومة شبكة المكتبات.
وتضيف: ” حضرنا هذه الطبعة بكتيبات صغيرة عبارة عن نصوص لإيمانويل روبلاس وهي قصة لأحداث حدثت بالعاصمة في 1956، جمعت في كتاب بعنوان “ربيع الجزائر”، تقديم الكتاب من طرف مختص يسمى بيار ماصو”.
وتعرض دار الكلمة كتابا حول صديق الثورة الذي أعدم بالمقصلة وهو فرناند إيفتون، ومذكرات فليكس كلوزي رفيق درب إيفتون، الذي قضى ست سنوات في السجن، وكتب عن المقاومة ناحية مليانة، مذكرات يمينة شراد وهي ممرضة كانت في الولاية الثانية، وكتب ألفها الباحث في التاريخ عمار بلخوجة.
إضافة إلى كتاب للمؤلف موريس موديان بعنوان”الجزائر” كان مدرس بولاية الجلفة يروي كيف بدأت المقاومة في تلك الناحية كونه شاهد عليها.
وتصف بلجودي عودة معرض الكتاب هذه السنة بأنه ملتقى بين الكاتب والقارئ وإحياء لكتبه.
تاريخ الجزائر في العهد العثماني أكثر إقبالا
يقول بوزيد لمجد، صاحب دار كوكب العلوم للنشر والطباعة والتوزيع، أن لديه إصدارات عديدة في جل الميادين العلمية، وخاصة في تاريخ الجزائر، منها سلسلتين تعرف بها مؤسسته، وهي سلسلة دراسات وأبحاث في تاريخ الجزائر خلال العهد العثماني، تضم حوالي 32 كتابا وسلسلة مدن وحواضر وأعلام في الجنوب الغربي للجزائر، تحتوي 31 كتاب في 22 عنوان، وبعض الدراسات الأخرى الأكاديمية في الآثار.
ويؤكد صاحب دار كوكب العلوم للنشر والطباعة والتوزيع، أن الكتب التي تشهد إقبالا من طرف القارئ هي تاريخ الجزائر في العهد العثماني والتي تتميز بها المؤسسة عن باقي دور النشر.
ويشير: “نحن نشتغل عليها وسيكون عددها لما لا نهاية، نشتغل مع دكاترة جزائريين يبحثون في هذا المجال”.
ويضيف محدثنا أنه لم يكن ينتظر هذا الإقبال للجمهور، خاصة بعد الخروج من أزمة كورونا ونحن على مقربة من شهر رمضان الفضيل و معروف لدى ثقافة الجزائري أن هذا الشهر حالة خاصة تحضر له ميزانية.
وبحسبه، نشر الكتاب ليس بالأمر الهين، بسبب أزمة نقص الورق والسيولة الناتجة عن الوضعية الاقتصادية الصعبة.وعن إصدارات خاصة بستينية إسترجاع السيادة الوطنية يؤكد عدم وجود طبعات خاصة لذلك.