خصص الصحفي والباحث عمار بلخوجة كتابا جديدا للأمير عبد القادر، رصد فيه خصومه ومعجبيه، بطريقة تقرب القارئ من شخصية مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة.
يتحدث الصحفي والباحث عمار بلخوجة عن قفزة جديدة في الكتابة والنشر وحماية الذاكرة في السنوات الماضية بشهادات لفاعلين في الحركة الوطنية وثورة التحرير، وإصدارات مؤرخين باللغتين العربية والفرنسية.
يدعو بلخوجة، في حديث لـ”ذاكرة الشعب”، للإستمرار في هذا الإنتاج كي لا يبقى الكتاب في عزلة، بإعتباره موزع للمعرفة.
يقول: ” أنا جد مرتاح رغم كل صعوبات النشر والتوزيع. نلاحظ أن الشاب الجزائري موجود في هذا معرض الكتاب بكثرة (اسدل الستار عن المعرض الجمعة)، ومتعطش لإكتشاف معلومات حول تطور الحركة الوطنية وحرب التحرير1954-1962، وهذا يعطينا إشارة بأن فيه آمال تحقيق ارتباط ما بين القارئ والكتاب”.
ويشدد محدثنا على ضرورة ربط الطفل بالكتاب، خاصة الكتاب التاريخي منذ الطور الإبتدائي إلى غاية الجامعة، لتنمية شخصيته وحبه للقراءة، وربطه بماضيه المجيد وتحصينه، ويشير إلى أن الفلاسفة والمثقفين يتفقون على أن التاريخ مقياس من مقاييس تكوين الشخصية، لأنه بدون معرفة الماضي تكون الشخصية مهتزة.
ويكشف بلخوجة عن إصدار جديد حول الأمير عبد القادر بعنوان “الأمير عبد القادر خصوم ومعجبين”، يضم شهادات عسكريين وسياسيين فرنسيين ومؤرخين تأثروا بخصال هذه الشخصية المعنوية، الروحية والثقافية، ويشهدون أنه أصبح رجل القرن الـ19، منهم توماس روبير بيجو، الذي كان يرى في الأمير عبد القادر رجلا عبقريا وأحد أعظم الشخصيات التاريخية لعصرنا، ويشيد أليكسي دي توكفيل بالتسيير الرشيد للأمير عبد القادر.
ويقول: “هؤلاء الضباط تعجبوا للأخلاق الإنسانية التي كان يتحلى بها الأمير فهو من السباقين لاتفاقيات جنيف فيما يخص الأسير، وأول رجل في التاريخ العسكري العالمي أقر معاملة الأسير أفضل معاملة واقتراح تبادلهم ضد الأسرى الجزائريين”.
ويضيف: ” هو مبدع الأفكار وصاحب سيف وقلم وكل الشخصيات العسكرية أو الثقافية يشهدون له بمعاملته مع الأسير أثناء الحرب وحواره مع الأديان، الخصم يعطي شهادة حقيقية عنه”.
يشير بلخوجة من خلال إنتاجه الجديد الى ان كتابه يساهم “في التعريف بهذه الشخصية التي لا نعرف عنها إلا العموميات، و يجب أن نواصل في الدفاع عن مكسب الأمير الذي هو مكسب للجزائر”.
اعتمد الباحث على كتابات “المغامرات الكبرى لعبد القادر” لجان جوزيف-فرانسوا بوجولات الصادر في 1929، وكتاب قدور محمصاجي بعنوان “من لويس فيليب إلى نابليون الثالث”، وكتاب “الأمير عبد القادر مهزوم ولكنه منتصر” لبوعلام بسايح وكتاب “الأمير عبد القادر وعائلته” لكمال بوشامة.
تطرق عمار بلخوجة في كتابه الجديد في 159 صفحة والصادر عن المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار، و كتب مقدمته مصطفى خياطي إلى حياة ومسيرة الأمير من جوانب عدة، بالتركيز على خصاله النبيلة ورؤيته السديدة،واحترام الغير له وعلى رأسهم أعدائه من المستعمرين الفرنسيين أمثال الجنرال «بيجو».
وصحح المؤلف الكثير من الأقاويل الخاطئة التي تناولت شخصية الأمير عبد القادر،ومحاولة تشويه صورته.
تناول الفصل الأول بعنوان «مرافقون ومساعدون» خطط فرنسا الاستعمارية من أجل تفرقة الجزائريّين وطمس هويتهم وتاريخهم بالاعتماد على الحركى والملاك الموالين لها.
وتطرّق الفصل الثاني إلى ما قيل عن الأمير من خلال كتابات خصومه الذين إعترفوا بشجاعته وحنكته السياسية والحربية.
أما الفصل الثالث بعنوان«محطات تاريخية» تناول محاولات المستعمر الفرنسي طمس تاريخ هذه الشخصية الذي أنصفه لاحقا مؤرخون جزائريون وأجانب.
وتحدث الكاتب في الفصل الرابع بعنوان «الأمير عبد القادر والثورة» عن الانتصارات العسكرية للأمير عبد القادر وخيبة الجيش الفرنسي،مبينا أن الأمير لم يهزم وهو رجل استراتيجيات حرب .وتطرق الكتاب أيضا إلى تاريخ المقاومة الشعبية في الجزائر بين الماضي والحاضر.
الأمير صديق وفي للكتاب
في المقابل، يوضح بلخوجة أنه حينما نتحدث عن الأمير نتحدث عن الثقافة لأنه صديق وفي للكتاب ومحامي صارم له، جمع منشورات ومخطوطات لتأسيس مكتبة وطنية تضم كتبا حاملة للعلوم لتكوين إطارات دولة، وهو كان في حالة بناء الدولة تتماشى مع العصرنة .
من بين إصدارات المؤرخ كتب عديدة حول مجازر ارتكبها الفرنسيون خلال إحتلال الجزائر، منها محرقة الظهرة، مجزرة قالمة 8 ماي 1945، وكتب لشخصيات خلال الحركة الوطنية حول أحمد بومنجل، عيسات ايدير، باية حسين، أصغر شابة محكوم عليها بالإعدام سنة1957، وكتابات حول علي معاشي، الفنان الذي استشهد في ظروف قاسية وشخصية أخرى كانت منسية هي علي الحمامي وحمداني عدة الذي اختطفته منظمة الجيش الفرنسي الإرهابية من السجن وأحرقته.
في هذا الصدد، يقول: ” من خلال كتاباتي أبحث عن الشخصيات التي وقعت في النسيان أو لم نتحدث عنها بكثرة يجب إخراجها من النسيان، و يصبح القلم وسيلة كفاح ضد النسيان”.