وصفت المحامية والباحثة في التاريخ الأستاذة فاطمة الزهراء بن براهم المجازر التي ارتكبها المستعمر الفرنسي في حق الشعب الجزائري يوم 8 ماي، بأبشع جرائم الحرب ضد الإنسانية، وذلك في ندوة تاريخية،اليوم، بمنتدى يومية المجاهد بمناسبة إحياء الذكرى الـ77 لهذه المجازر.
وهذا بالنظر إلى العدد الرهيب من الجزائريين الذين خرجوا في مظاهرات سلمية للتعبير عن فرحتهم بانتصار،إلا أن فرنسا أخلفت بوعودها، ومن أهمها منح الاستقلال، و قوبلت الحركة السلمية بأبشع الصور، كان من آثارها استشهاد عشرات الآلاف من أبناء الجزائريين.
ودعت بن براهم، إلى التفاف جميع الحقوقيين من أجل الوصول للدلائل التي تضع حدا للمغالطات الكبيرة التي روج لها المستعمر الفرنسي حول عدد ضحايا المجزرة الذي يصل إلى 80 ألف شهيد.
إضافة إلى المفقودين الذين لم يعرف عددهم في ظل غياب قرائن تاريخية ،مؤكدة أن الحديث عن مجازر 8 ماي وسرد وقائعها أمر غير كاف.
أكدت المحامية أن، مجازر 8ماي45 تحمل الكثير من الخبايا التاريخية والقانونية التي يجب التدقيق فيها من طرف المختصين ،خاصة في ظل غياب الدلائل حول المفقودين ،إضافة إلى الأحكام الاستثنائية التي صدرت في حق الكثير من الجزائريين العزل، الذين نفذ فيهم حكم الإعدام في يوم واحد من القبض عليهم ،وهذا لم يحدث في أي محاكمة في التاريخ.
وقالت : ” آثار هذه الجرائم ما تزال شاهدة”.
في هذا الصدد أشارت المحامية،إلى المصطلحات المغلوطة التي استعملها المستعمر الفرنسي لتشويه التاريخ والتنصل من مسؤوليته اتجاه الجرائم الشنيعة التي ارتكبتها في حق الجزائريين للإفلات من العقوبات التي يقرها القانون الدولي خاصة قانون 17 جويلية، وغيرها من المصطلحات التي يجب تصحيحها وتوضيحها من قبل المؤرخين والمحامين معا.
أوضح الباحث الصادق بخوش، أن الذاكرة الجزائرية تذهب إلى أبعد من الثورة التحريرية ،تشمل جميع الفترات والحضارات المتعاقبة على الجزائر، غير أن القمع والعنف الذي مورس ضد الشعب الجزائري، أهم ما رسخ في ذاكرة الجزائريين.
و أشار إلى أهمية ربط الحدث بالذاكرة ،على اعتبار أن نوفمبر 1954هو الابن الشرعي لأحداث 8 ماي 1945، على حد تعبيره.
وأوضح الباحث أن مجازر 8 ماي، هي الخلفية المباشرة لاندلاع الثورة ،لان الجزائريين تفطنوا وتأكدوا أن ما أخذ بالقوة يسترد بالقوة.
وشدد على ضرورة تبني منهج صحيح في كتابة التاريخ، بعيدا عن المصطلحات المغلوطة التي تعتمدها فرنسا لكتابة التاريخ بل لتشويهه.
وقال: ” إن مغادرة من عايشوا تلك المرحلة الهامة من التاريخ، شكل عائقا في توثيق المحطة الهامة من كفاح الشعب الجزائري، والتعريف بأبشع المجازر التي قام بها المستعمر الفرنسي ،غير أن اليوم يأتي الدور الحقيقي على المؤرخين من أجل البحث في خبايا تلك الفترة، وفي تاريخ فرنسا الذي تعترف أن تاريخها كله إجرام”.
أشادت الوزيرة السابقة زهور ونيسي بخصال الراحل المجاهد بشير بومعزة الذي بدأ نضاله في سن مبكر في حزب الشعب الجزائري، وكان واحدا من الذين شاركوا في أحداث 8 ماي 1945 وأدخل السجن على إثرها.
وقالت : ” بالرغم أن أعضاء الحركة الوطنية لم يكونوا على مستوى عالي من العلم والثقافة، لكن بشير بومعزة كان وطنيا ومثقفا ،وذو مستوى عالي ورؤية مستقبلية للجزائر”.