كيف يمكن أن نجعل من الأوبرات أو الملحمات عروضا، مهمتها تكمن في التعريف والتدوين لتاريخ الجزائر وأمجادها على أوسع نطاق؟
هو سؤال طرحته “الشعب” للنقاش مع أحمد خوصة مدير مسرح بسكرة الجهوي، الذي يرى أنّ “هذا الفن من شأنه أن يشكّل وسيلة للتعريف بتاريخ الجزائر من جهة، واستثمار ثقافي يعود بالمنفعة على الاقتصاد الوطني من جهة أخرى”.
اعتبر مدير المسرح الجهوي بسكرة أحمد خوصة، أنّ “المسرح لعب دورا كبيرا خلال ثورة التحرير الوطني من خلال فرقة جبهة التحرير الوطني، التي ساهمت بقدر كبير في التعريف بالقضية الجزائرية عبر دول العالم وبعد الاستقلال، كان وما زال المسرح يساهم بشكل كبير من خلال الأعمال المنجزة في ترسيخ الذاكرة الوطنية للأجيال القادمة”.
وينجلي هذا بوضوح حسبه “في الكثير من الأعمال المسرحية والفنية الوطنية خاصة وملحمة الجزائر التي أنتجت في نهاية القرن الماضي، تعتبر أهم إنتاج فني في تاريخ الجزائر، والذي يدون لتاريخها النضالي ولجحافل الشهداء الذين استشهدوا من أجل الجزائر”.
وتعد الأوبرات، يضيف المتحدث “عملا ضخما يحتاج إلى الكثير من الإمكانيات البشرية والمادية والفنية، والأكيد أن نجاحها يساهم فيه الجميع، غير أنها تبقى مناسباتية، وأقول بصدق أن هاته الأعمال عمرها قصير جدا، ولا توزع بشكل يسمح للجمهور بمشاهدتها، لأن تكاليف تنقلها باهظة جدا، ولهذا ما الجدوى من إنتاج أعمال ضخمة ولا يمكن للجمهور الاستمتاع بمشاهدتها ويكون عمرها قصير جدا؟”.
وباعتبار يقول إن “مثل هذه الأعمال أنتجت لأهداف فنية ومادية، فهي صناعة يمكننا ضمان الفرجة والمتعة والدخل المادي، وهنا نضمن توازنا في الجانب الفني والمادي والأهداف الأخرى، ولا تصبح أعمالا استهلاكية ونضمن أيضا مداخيل تساعد الجميع على عمل مستمر لا مؤقت”.
وفي سياق آخر، أشار أحمد خوصة إلى أن المؤلف للملحمة والعمل التاريخي عن المؤلف للأعمال الفنية الأخرى يجب عليه أولا أن يكون ملما بالحقائق التاريخية، وتحديد الفترة التي يريد الكتابة عنها ودراسة جيدة للشخصيات التي يريد الحديث عنها، وأهم الأحداث والمواقف التي ذكرت في تلك الفترة، وتحديد الأهداف التي جعلته يركز على تلك الفترة بالذات، كل هاته الأسئلة ـ يضيف ـ يجب أن يطرحها والإجابة عليها من خلال المراحل التي يكتبها والإجابة عنها في مشاهد ولوحات فنية تساعد المخرج لتجسيدها على الركح.
وفي رده على سؤال: هل تتناول معاهد أو مدارس التكوين الأوبرات في برامجها تكوينها؟ أجاب أحمد خوصة بالقول: “معاهد التكوين الفني تعتمد أساسا تلقين الطالب القواعد الأساسية في مهن العرض بمعنى الإخراج والتمثيل والسينوغرافيا، والجانب الآخر الذي يتناوله هو الشق النظري والنقد المسرحي.
وهي اللبنة الأولى لأي عمل فني من خلاله يمكن الاعتماد عليها في كل أشكال العمل المسرحي والفني، والأكيد أنّ جل الأعمال التي أنتجت كان النصيب الأكبر فيها لخرّيجي مدارس الفنون”.
ومن جهة أخرى، أشار مدير مسرح بسكرة الجهوي، إلى أنّ “كل ما أنتج من أعمال في هذا المجال يعتبر ضئيلا جدا، والأكيد أن الظروف الحالية من أزمات مالية التي تتخبّط فيها المؤسسات المسرحية وغياب مصادر تمويل أخرى، تجعل من مشاريع في مثل هذا الحجم شبه مستحيلة، خاصة إذا لم نغير من منهجنا ورؤيتنا.
ونجعل من هذه الأعمال الفنية مشاريع استثمارية تساهم بشكل أو بآخر في زيادة الدخل ورفع قدراتنا المالية، وهذا لضمان استمرارية العمل الفني، وخلق استراتيجية فعالة من مؤسسات تعيش على إعانات الدولة إلى مؤسّسات فاعلة في الاقتصاد الوطني”.
وفي الأخير، عرج أحمد خوصة على انجازات مسرح بسكرة الجهوي في هذا المجال بقوله “كانت لنا ببسكرة تجارب عديدة في الأوبرات أهمها أوبرات “جزائر أم الكل”، وهي لنخبة من الفنانين من بسكرة نذكر منهم الفنان الموسيقي محمد فواد ومان وحسان بلعبيدي.
وقد شارك في التمثيل فيها مجموعة كبيرة من الممثلين، حيث كانت أول تجربة لي في إخراج الأوبرات. أما التجربة الثانية فكانت أوبرات “فالكم عند صغاركم”، الفكرة والأشعار للفنان حسان بلعبيدي، وقد كانت تجربة جد ناجحة”.