تحرص مديرية المجاهدين وذوي الحقوق بوهران ومخابر بحثية جامعية بالولاية على جمع أكبر قدر ممكن من الشهادات الحية للمجاهدين، لاستغلالها في تدوين تاريخ الثورة التحريرية المجيدة والحركة الوطنية.
تعرف العملية المتواصلة تجاوبا و إقبالا كبيرين من قبل صانعي الثورة التحريرية وممن عايشوها، على الرغم من أنهم بلغوا من الكبر عتيا وحالة بعضهم الصحية في هذه المرحلة العمرية.
مست عملية جمع الشهادات الحية التي انطلقت في سنة 2016 إلى حد الآن 122 مجاهدا بما يعادل أزيد من 48 ساعة من الأرشيف المدون بالصوت والصورة، والتي سجلت على أقراص مضغوطة.
وقدمت إلى الوزارة الوصية لتكون تحت تصرف الباحثين والأكاديميتين، حسبما أفادت به رئيسة مصلحة التراث التاريخي والثقافي بمديرية المجاهدين وذوي الحقوق، بلعربي وهيبة، لوأج.
ويقوم المكلفون بتسجيل الشهادات بزيارة المجاهدين في منازلهم لإنجاز هذه المهمة، فيما يحضر مجاهدون آخرون إلى مصالح المديرية للإدلاء بشهاداتهم.
واستحضار مشاركتهم في الثورة التحريرية المظفرة، و الحديث على الجرائم البشعة التي ارتكبها المستعمر الفرنسي.
وفي شهادتهم، تناول مجاهدون ينحدرون من مختلف مناطق الوطن ويقطنون عبر تراب الولاية أحداثا تاريخية مختلفة جرت خلال الثورة التحريرية، والعمليات العسكرية التي شاركوا فيها والعمل الفدائي بوهران، وتمويل الثورة التحريرية وغيرها من القضايا المتعلقة بالكفاح التحرري، وفق ذات المسئولة.
وإلى جانب تسجيل الشهادات الحية، تشارك مديرية المجاهدين وذوي الحقوق مع قسم التاريخ بجامعة وهران1 أحمد بن بلة في تنظيم ندوات تاريخية حول الثورة التحريرية المجيدة يقدم خلالها مجاهدون شهاداتهم بحضور الباحثين والأكاديميين الذين يوظفونها في بحوثهم ودراساتهم التاريخية.
وتنظم المديرية ندوات مماثلة بالمؤسسات التربوية، ومراكز إعادة التربية بالولاية ينشطها مجاهدون وذلك بغرض التعريف بالأحداث التي شاركوا فيها خلال الثورة التحريرية.
من جهته، قال البروفيسور محمد بن جبور، مدير مخبر البحث التاريخي مصادر وتراجم التابع لجامعة وهران 1، أن الشهادات الشفهية للفاعلين في الثورة التحريرية سواء كانوا عسكريين أو سياسيين ” تعتبر مصدرا هاما في تدوين تاريخ الحركة الوطنية والثورة التحريرية على وجه الخصوص”.
وأبرز الباحث المتخصص في تاريخ الثورة التحريرية، خلال لقاء مع “وأج” أن، الرواية الشفوية ضرورة حتمية تفرضها منهجية البحث العلمي والتاريخي، وتساهم في تغطية بعض النقص في الأرشيف المكتوب عن الثورة التحريرية.
وأشار بن جبور إلى أن، المخبر الذي يشرف عليه يعكف على تسجيل الشهادات الحية للمجاهدين لاسيما خلال الندوات التي ينظمها حول الثورة التحريرية بحضور مجاهدين يقدمون شهادتهم حول الأحداث التي عايشوها.
ولاحظ الأستاذ بقسم التاريخ أن الأحداث المتعلقة بالثورة التحريرية لا تزال محفوظة بذاكرة من صنعوها، وذكر بالمناسبة الشهادة الحية التي سجلها المخبر للمجاهد بوشيخي الشيخ البالغ من العمر 107 سنة القاطن بالكرمة (وهران).
وأشار البروفيسور بن جبور إلى أن، عملية تسجيل الشهادات الحية تتم وفق منهجية وقواعد علمية، تبدأ بجمع الشهادات ومقارنتها مع بعضها البعض وتحليلها ونقدها (المنهج التحليلي النقدي) لتصبح مادة تاريخية يتم توثيقها بطريقة علمية وأكاديمية”.
وأكد الباحث في ذات السياق على ضرورة تكثيف البحث التاريخي حول الثورة التحريرية المظفرة، ونقل بطولاتها وتاريخ صانعيها إلى الأجيال المتلاحقة.