تنظم جامعة زيان عاشور بالجلفة، نوفمبر المقبل ملتقى وطنيا بعنوان «الاستراتيجية الفرنسية المطبقة لعزل الشعب الجزائري عن الثورة التحريرية من خلال السجون ــ المعتقلات ــ المحتشدات»، في محاولة لدراسة ما تبقى من شواهد لمراكز العزل، وتسجيل ما تبقى من شهادات حية.
ينظم قسم التاريخ وعلم الآثار بالتنسيق مع مخبر الدراسات التاريخية والإنسانية، بجامعة زيان عاشور بالجلفة، الملتقى الوطني الأول بعنوان: «الاستراتيجية الفرنسية المطبقة لعزل الشعب الجزائري عن الثورة التحريرية 1954 ــ 1962 من خلال (السجون ــ المعتقلات ــ المحتشدات)».
وإذا كانت فعاليات الملتقى ستجري، حضوريا وعن بعد، يومي 16 و17 نوفمبر المقبل، فإن استقبال المداخلات كاملة ما يزال مفتوحا إلى غاية نهاية سبتمبر.
محاولات الاستعمار اليائسة لعزل الثورة
وحسب منظمي الملتقى، وتتقدمهم رئيسته الدكتورة سامية بن فاطمة، فإن أهمية هذه التظاهرة العلمية تكمن في كونها تسلط الضوء على واحدة من الجرائم الفرنسية المرتكبة في حق الجزائريين، المتمثلة في إقامة السجون والمعتقلات والمحتشدات في مختلف أنحاء الجزائر خلال مرحلة الثورة التحريرية، وما لحق بها من أعمال وحشية ارتكبت في حق الجزائريين داخل تلك المراكز.
وبالتالي الكشف عن حقيقة مختلف تلك الممارسات التي ظلت فرنسا تتستر عليها، ثم استراتيجية المواجهة التي اتبعتها قيادة الثورة التحريرية للتكيف مع هذا الوضع الجديد المفروض عليها.
ويسعى الملتقى إلى تحقيق مجموعة أهداف، منها تحديد المفاهيم الأساسية المتعلقة بالسجون والمعتقلات والمحتشدات، واستخلاص مختلف الفوارق بينها، والكشف عن حقيقة الممارسات الوحشية والهمجية التي مارستها السلطة الفرنسية في مختلف مراكز العزل المدروسة، والوقوف على مختلف الجهود التي قامت بها جبهة التحرير الوطني للتكيف مع الوضع ومحاولة كسب الرهان واستغلال تلك المراكز لصالحها.
يرمي الملتقى إلى التأكيد على أن، حقيقة الاستعمار الفرنسي في الجزائر هي حقيقة سوداء قاتمة منذ دخول فرنسا إلى الجزائر إلى غاية تحقيق الاستقلال الوطني واسترجاع السيادة، و تجريم الاستعمار من خلال إثبات أن ما قامت به فرنسا هو حقيقة جرائم ضد الإنسانية وذلك استنادا إلى القوانين الدولية.
و دراسة ما تبقى من شواهد ودلائل مادية لمختلف تلك المراكز، وتسجيل ما تبقى من شهادات حية صادرة من أفواه من عايشوا تلك المعاناة.
ينطلق الملتقى، من فكرة رئيسية، وهي أن فرنسا الاستعمارية عملت، منذ 1830، على تطبيق مختلف الأساليب الرامية إلى إخضاع الجزائريين والسيطرة على أرضهم، وتفكيك أوصال المجتمع الجزائري.
بل والقضاء على كل روح للمقاومة الوطنية في الجزائر، فسعت في كل مرة إلى ابتكار وسيلة جديدة في التعامل مع الجزائريين، تتماشى وأسلوب مقاومتهم.
ولم تتخل فرنسا عن الأسلوب القمعي الهمجي الذي رافقها طوال فترة احتلالها للجزائر، فكان أبرز ما تميزت به السياسة الفرنسية في الجزائر ارتكاب أبشع أنواع التنكيل والتعذيب والإبادة ضد الجزائريين، وجعلهم يعيشون معاناة مستمرة فيما بعد.
وحينما أدركت فرنسا الاستعمارية أن السر الذي يكمن وراء توسع نطاق ثورة التحرير وقدرتها على الاستمرار رغم قلة الإمكانيات هو الدعم الشعبي لها، انتهجت أسلوبا جديدا للمواجهة، الغرض منه إبعاد الجماهير الشعبية الجزائرية عن المساهمة الفعلية في الثورة التحريرية، بالزج بأعداد كبيرة منها داخل السجون والمعتقلات والمحتشدات، وتسليط أشد أنواع التعذيب الجسدي والإرهاب النفسي عليها.
فعكست تلك الممارسات الهمجية حقيقة الاستعمار الفرنسي في الجزائر القائمة على انتهاك حقوق الإنسان.
ومن هذا المنطلق، يطرح الملتقى إشكالية مدى نجاح السياسة الفرنسية المبنية على إقامة مختلف مراكز العزل كالسجون والمعتقلات والمحتشدات في إبعاد الشعب الجزائري عن ثورته؟ وكيف واجهت الثورة التحريرية هذه السياسة الاستعمارية الفرنسية؟.
وللإجابة عن ذلك، يعالج الملتقى محاور، أولها حول السجون الاستعمارية الفرنسية في الجزائر (مفهومها ونشأتها، وأنواعها والحياة داخلها، مع تقديم نماذج عنها).
يتطرق المحور الثاني إلى المعتقلات الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، وبنفس الشاكلة يتناول المحور الثالث المحتشدات الاستعمارية الفرنسية، ويعالج المحور الرابع استراتيجية جبهة التحرير الوطني في مواجهة سياسة العزل الاستعمارية الفرنسية.