أشاد الباحث في التاريخ محمد عبيد، بشخصية المقاوم محمد ولد علي وحنكته في قيادة المعارك ضد المستعمر من 1881 إلى 1900.
أشار عبيد، في ندوة بعنوان “مسيرة وكفاح محمد ولد علي في مواجهة المستعمر الفرنسي” بعين الصفراء بالنعامة، بمناسبة الذكرى 122 لإستشهاده. إلى أن، العديد من الدراسات والوثائق التاريخية، تؤكد أن محمد ولد علي (1825 ـ 1900) شخصية ثائرة قادت بعزيمة وإيمان معارك عديدة بمنطقة الجنوب الوهراني الذي تكبد فيها المستعمر الفرنسي خسائر معتبرة.
وأضاف أن قبائل المنطقة منها العمور و أولاد جرير وحميان و الطرافي وغيرهم، إلتفت حول هذا القائد ابتداء من 1881، ليحضر خطط حربية وينظم كتيبة عسكرية بإمكانيات متواضعة شنت هجمات عديدة ضد مراكز عسكرية للعدو الفرنسي، الذي قابل ذلك بإرسال عدة حملات عسكرية قادها عساكر منهم العقيد أويي.
وأوضح أن هذه الحملات جاءت لقمع مقاومة محمد ولد علي الذي رفع راية الجهاد ضد فرنسا في جبل بني سمير ومحيطه.
ونفذ عشرات العمليات العسكرية النوعية رغم قلة العدة و العتاد طيلة زهاء العشرين سنة، وقد كانت حروبه محل اهتمام في الدوائر السياسية والعسكرية الفرنسية.
وتشهد بذلك مراسلات وبرقيات عسكرية اعترف بعضها ببطولة هذا القائد، وإلحاقه لهزائم الجيش الاستعماري الفرنسي.
تضمنت أشغال هذه الندوة التاريخية نقاشات حول شخصية محمد ولد علي، منها الجانب الديني لمقاومته ودور الزوايا بالمنطقة في ترسيخ روح المقاومة، ودفاع القبائل بالمنطقة عن أراضيهم، ورفضهم للمستعمر الفرنسي، و قمع هذا الأخير للمقاومات الشعبية بممارسة أساليب وحشية ضد السكان.
وتأتي هذه الندوة بغية المساهمة في تدوين تاريخ المقاومة الشعبية بمنطقة الجنوب الوهراني وجمع المادة التاريخية من وثائق ومخطوطات تخص هذا الموضوع.
وترمي أيضا إلى إبراز مساهمة المنطقة في مقاومة الاحتلال الفرنسي، وتسليط الضوء على الكتابات التي تتضمن جوانب من الشخصيات التاريخية التي قادت تلك المقاومة.
للتذكير نظمت هذه الندوة جمعية “محمد ولد علي للترقية الثقافية والتربوية”، بالتنسيق مع مديرية المجاهدين وذوي الحقوق.
“لن ترى عيني كافرا يحتل ارضي، ولن أخضع لهم”
محمد ولد علي سلطان الجبل وأسد بني سمير، ولد حوالي 1820 بعين الصفراء، ورث القيادة عن جده عبو لكحل الذي ذاع صيته بين القبائل.
فتدرب على فنون القتال وهيأ نفسه خاصة بعد مقاومتي أولاد سيدي الشيخ و الشيخ بوعمامة.
خاض معارك عديدة لمنع المستعمر من الوصول إلى الجنوب، والاعتداء على كل الدوريات التي كان يرسلها المستعمر لقصور الجنوب الغربي.
ما دفع بالسلطات الاستعمارية إلى إرسال سياسيين متمكنين للسيطرة على الأوضاع بالمنطقة خاصة بين 1881 تاريخ أول مواجهة بين الطرفين، و1900 تاريخ استشهاد زعيم المقاومة محمد ولد علي، بعد أن خاض معارك أهمها معركة كرسيفان، معركة حواص ، معركة حرث الشادلي، معركة رأس بني سمير ومعركة مرغدن.
في 2 أكتوبر 1900 لما علم محمد ولد علي بمحاصرة القوات الاستعمارية للجبل، الذي كان متواجدا به حاول التسلل إلى جبل الملح وإبعاد النساء والأطفال والماشية، والبقاء مع المقاومين لمواجهة العدو.
فاكتشف العدو أمره ولحق به، وأمر بعض أقاربه بالابتعاد بالقافلة وبقي على رأس 10 من رجاله ونصب كمينا للعدو في المكان المسمى المقطيف. ودارت هناك معركة غير متكافئة بين المجاهدين وقوات العدو يوم 3 أكتوبر 1900 حوالي الساعة الخامسة والنصف صباحا.
وقد اعترف أحد القادة الفرنسيين بشجاعة وقوة المجاهدين، وبعد قتال استمر ساعات بين 10 رجال أسلحتهم تقليدية متحلين بالشجاعة، رافضين كل نداءات العدو التي وجهت لهم من أجل الاستسلام، وقوات قوامها حوالي 100 فارسا مدربين ومدججين بالأسلحة الحديثة.
استشهد محمد ولد علي وواصل الباقون المعركة بكل شجاعة وبسالة إلى أن استشهد أيضا ولداه العربي والشيخ.
في صبيحة يوم 4 أكتوبر 1900 انطلق العدو نحو مدينة عين الصفراء يحملون رأس الشهيد محمد ولد علي ويقودون المواشي والمتاع المسلوب والأسرى الذين كان معظمهم من النساء والأطفال.
هذا البطل معروف بمقولة “لن ترى عيني كافرا يحتل ارضي، ولن أخضع لهم”.
محمد أمين سعيدي