أجمع حقوقيون على أن قصف الاستعمار الفرنسي لمدينة الأغواط في 4 ديسمبر 1852 إبادة جماعية وجريمة مكتملة الأركان في حق الإنسانية.
أكد مختصون في منتدى جريدة المجاهد، أن مجزرة الأغواط تعتبر أول إبادة بالأسلحة الكيميائية في العالم باستعمال الكلوروفورم ضد سكان الأغواط المدنيين، ليتم بعدها وضعهم في أكياس حرقهم أو دفنهم أحياء. وأشاروا إلى أن القصف الكيميائي أدى في أيام معدودة إلى مقتل ثلثي أحياء المنطقة لتسقط الأغواط في يد المستعمر.
وفي هذا الصدد، جددت الحقوقية والمحامية، فاطمة الزهراء بن براهم، التأكيد على أن الوصف القانوني والحقيقي لما تعرض إليه المدنيون في الأغواط بالسلاح الكيميائي لا يمكن له إلا أن يكون إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم.
وأبرزت بن براهم أن مجزرة الأغواط على غرار باقي المجازر المقترفة إبان الاستعمار تقتضي متابعة قانونية على المستوى الدولي.
وعبرت الحقوقية عن رفضها لاستعمال كلمة “معركة” في حال إبادة الأغواط لأن المعركة وفق التعريف القانوني تكون بين جيشين حتى ولم يكونا متكافئين.
ودعت بالمناسبة المؤرخين والحقوقيين إلى التنسيق فيما بينهم والعمل لدى الجهات الدولية المختصة وعلى رأسها محكمة العدل الدولية، بغرض مطالبة فرنسا بالاعتراف بجرائمها المختلفة في الجزائر ومحاكمتها.
و دعت السلطات العليا للبلاد إلى تسليط الضوء على قائد المقاومة بالأغواط بن شهرة بن ناصر، وإعادة رفاته إلى مسقط رأسه إحياء للذاكرة التاريخية الوطنية.
ودعا الخبير في الشؤون النووية، مرزاق رمكي، إلى ضرورة تبني مقاربة واضحة تجاه فرنسا لوضعها أمام مسؤولياتها التاريخية، سواء بالنسبة للإبادة الجماعية في الأغواط أو عن الجرائم العديدة الأخرى.
وأكد في هذا الإطار على أهمية فتح كل أرشيف الاستعمار (فيما يتعلق بالأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية المستخدمة في الجزائر)، مثلما فعلت فرنسا في أرشيف التجارب النووية التي أجريت في بولينيزيا.
استعرض الباحث في الهندسة النووية، الدكتور عمار منصوري، مسار استعمال الأسلحة الكيميائية في الجزائر من خلال قصف الأغواط بقنابل الكلوروفورم.
وأكد أن القوات الاستعمارية الفرنسية استعملت الكلوروفورم المحظور دوليا لأول مرة خلال هجومها على منطقة الأغواط كحملة تأديبية على المنطقة التي كانت عصية على الاحتلال.
و ذكر أن الاستعمار الفرنسي ارتكب جرائم متعددة ضد الشعب الجزائري طيلة وجوده بالجزائر، ومن بين هذه الجرائم استعمال الأسلحة المحرمة دوليا وعلى رأسها الأسلحة الكيميائية التي بدأت فرنسا باستعمالها منذ 1830 واستمرت إلى مرحلة الغزو عند اجتياح منطقة الأغواط في 1852.
عرفت إبادة الأغواط في الذاكرة الشعبية بعام “الخلية” أو عام “الشكارة”كناية بالمجازر البشعة المرتكبة ضد المدنيين الذين أبادتهم فرنسا الاستعمارية بالسلاح الكيميائي يوم 4 ديسمبر 1852.