معركة “البسباسة”محطة بارزة في التاريخ الثوري للمنطقة الثانية، بالولاية التاريخية السادسة. وقعت بتاريخ 21 جانفي 1960، بتخوم جبال منطقة “قعيقع” بضواحي دار الشيوخ حاليا.
خلدت معركة “البسباسة” أو مثلما يصفها البعض بمعركة “الثلجة” تضحيات مجاهدين أشاوس قادوا معركة ضد العدو الفرنسي، الذي كانت إمكانياته العسكرية تفوق قدراتهم بكثير.
وفي حديث لوأج مع المجاهد بلقاسم زروال، ممن كتب شهادته على هذه الملحمة البطولية في كتابه المعنون بـ”فرسان..في الخطوط الأولى”، أن المجاهدين قصدوا منطقة “قعيقع” لعقد اجتماع حضر من أجله قادة النواحي، فاشتبكوا مع قوات العدو بشكل مفاجئ وتمكنوا من الافلات والالتحاق بالاجتماع.
غير أن العدو- يقول المجاهد- أرسل طائرة عمودية لاستكشاف المنطقة وتتبع آثار أقدام المجاهدين عبر المسالك المغطاة بالثلوج، فأرسلت إشارة إلى المراكز المحيطة بالمنطقة تنذر بوجود قوات كبيرة للمجاهدين في جبل “قعيقع”، فحشدت لذلك كل ما لديها من قوات وبدأت في تطويق الموقع.
وحسب شهادته، في يوم المعركة، شرعت قوات العدو في تمشيط المنطقة، غير أنها كانت حذرة أمام انكشاف الميدان بسبب تراكم الثلوج (..) وخلال تقدمهم تبين أنهم لم يستطيعوا تحديد مواقع المجاهدين، الذين انتظروهم حتى وقعوا في مرمى البنادق.
يقول: ” أطلقنا عليهم وابلا من الرصاص فسقط منهم سبعة عساكر أمامنا وتولت البقية أدبارها هاربة،و بعدها خرج المجاهدون من مخابئهم يطاردون العساكر الفرنسيين، فانكشفت مواقعهم من قبل الطائرات العمودية، التي كانت تجوب السماء”. ويضيف: ” فاستعمل العدو المدفعية والطائرات المقنبلة، التي أمطرت المكان بكل أنواع القذائف والنبالم ليتحول إلى جحيم لا يطاق فقدنا من جرائه الكثير من الرفاق”.
من أشرس مواجهات جيش التحرير
وأبرز محافظ التراث التاريخي بمتحف المجاهد لولاية الجلفة، الأستاذ المسعود بن قيدة، أن معركة البسباسة، التي جرت في 21 جانفي 1960 بمنطقة قعيقع (شرق الجلفة) واقعة تاريخية “شرسة” في سجل أحداث الولاية التاريخية السادسة.
وأوضح بن قيدة، في تصريح لواج أن هذه المعركة التاريخية، التي جرت بجبال السحاري تعتبر من أشرس المعارك، التي وقعت بالمنطقة الثانية بالولاية التاريخية السادسة.
وقدم المحاضر عدد من أسماء المجاهدين الأشاوس، الذين شاركوا في معركة البسباسة على غرار البطل المجاهد الرائد سليمان سليماني المدعو “لكحل” و بلقاسم لقراءة، ومخلوف جاب الله، والطاهرالرق، وبلقايد الطاهر، و بلقاسم زاغز، وسارية بودخيل والقليطي الشيخ.
وأشار الأستاذ بن قيدة، إلى أنه يستند في سرده التاريخي على عدد من المصادر والشهادات الحية للمجاهدين، الذين عاصروا وشاركوا في هذه المعركة. لافتا إلى أن القوات الفرنسية راقبت تحركات المجاهدين بمنطقة “سن لبا”، وجبل “حواص” وتتبعتها إلى غاية “البسباسة شرقا”، أين كانت المواجهة.
وتحول ميدان هذه المعركة، التي كانت فيها القوات الفرنسية أكثر عددا وعدة و كانت مدعمة بسلاح المدفعية والطيران الحربي، إلى ساحة قتال شديدة استشهد فيها 57 مجاهدا من بينهم ضباط على غرار بلقاسم لقرادة وبلقاسم زاغز، ومحمد مزغيش, و أصيب 20 آخرين بجروح من بينهم القائد سليماني لكحل، الذي تعرض لإصابة بليغة، و كان لجيش العدو خسائر كبيرة، إستنادا للأستاذ بن قيدة.