تستحضر ولاية النعامة اليوم السبت الذكرى الـ63 لإندلاع معركة “إمزي” التي تعد من بطولات تاريخ الكفاح المسلح ومن بين المعارك الكبرى التي خاضها جيش التحرير الوطني بالمنطقة في مواجهة جيش الإستعمار الفرنسي وهمجيته وجرائمه البشعة.
وفقا لشهادات المجاهدين الذين شاركوا في المعركة، فقد وقعت هذه الأخيرة من 6 الى 8 ماي 1960 بالمنطقة الثامنة التابعة للولاية الخامسة التاريخية بمنطقة عين الصفراء (جنوب ولاية النعامة) بين جيش المستعمر الفرنسي الذي حشد زهاء 2400 عسكري والفيلق الثاني لجيش التحرير الوطني بزهاء 300 مجاهد بقيادة الشهيد، محمد قطيب.
وكانت بدايتها بتطويق العدو للمنطقة بالطلعات الجوية وتحريك عدد هائل من قواته توبع بسقوط أولى قذائف القصف المروحي لجبل “إمزي” غير أن ثبات وحسن تمركز مجاهدي جيش التحرير الوطني مكن من القضاء على عدد كبير من الجنود الفرنسيين خلال الساعات الأولى من بدء هذه المعركة.
ويؤكد المجاهد سليمان حواص حسب شهادته المسجلة لدى المتحف الولائي للمجاهد للنعامة أن المعركة شهدت في يومها الثاني قصف كثيف لمرتفعات الجبل الذي تهاطلت عليه القنابل التي أطلقتها فيالق الجيش الاستعماري الفرنسي التي كانت تضم أشرس الفرق العسكرية المدججة بشتى أنواع الأسلحة.
ومن جهته، يتذكر المجاهد، علي برينيس، إستخدام المستعمر الفرنسي في المعركة لأسلحة مدمرة وإرتكب جرائم بشعة ضد الإنسانية من خلال قصفه لثوار جيش التحرير الوطني بقنابل “النابالم” المشتعلة والمحرقة والمحرمة دوليا واستخدامه لذخيرة تطلق غازات سامة في محاولاته اليائسة لعزل ومحاصرة المجاهدين.
وأضاف المجاهد أنه بالرغم من العتاد المتواضع وقلة التعداد إلا أن مجاهدي جيش التحرير الوطني خاضوا المعركة ببطولة وكلهم إيمان وعزيمة على الذود عن كل شبر من تراب الوطن وقد تمكنوا من إسقاط ست طائرات حربية وتكبد العدو خسائر كبيرة في العتاد وقتل العشرات من جنود الجيش الإستعماري الفرنسي.
وهي وقائع وردت في شهادة حية أدلى بها المجاهد بن علال محمد من منطقة عين الصفراء وهو أحد ضحايا القصف بتلك الأسلحة الحارقة والفتاكة التي بقيت آثارها ظاهرة للعيان إلى يومنا هذا على الإنسان والطبيعة.
وكان من نتائج تلك المعركة البطولية أن تكبد المستعمر الفرنسي خسائر فادحة فيما سقط في ساحة الوغى 101 شهيد و74 جريح وأسر 46 من مجاهدي جيش التحرير الوطني الذين تم تحويلهم إلى معتقل “الدزيرة” بضواحي عين الصفراء أين تعرضوا بداخله إلى مختلف أنواع التعذيب.
وكان لهذه المعركة الأثر الإيجابي على الصعيد الخارجي وعلى المفاوضات وعلى الموقف الدولي من القضية الجزائرية وتبقى شاهدة على واحدة من الجرائم ضد الإنسانية الأكثر بشاعة التي ارتكبها المستعمر الفرنسي بإستخدامه للأسلحة المحظورة إستنادا إلى عدة بحوث ودراسات تاريخية ومصادر وشهادات تم جمعها وتدوينها.