كتب الرحلات والجغرافيا مصادر مهمة، تزود الطلاب والباحثين بمعلومات في مختلف الميادين وتعطي صورة عن وضع المجتمع الجزائري في العصر الوسيط.
تناول الطالب مصطفى علوي، في أطروحة دكتوراه عن تاريخ المغرب الإسلامي الوسيط، سنة 2015، تاريخ مدينة تلمسان من خلال كتب الرحالة والجغرافيين المغاربة والأندلسيين من القرن السابع الهجري إلى القرن التاسع الهجري (13-15م). وتعتبر تلمسان إحدى الحواضر التاريخية بالمغرب الأوسط.
وسلّط الباحث الضوء على محطات هامة، عرفتها الدولة الزيانية من خلال كتب الرحالة والجغرافيين المغاربة والأندلسيين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
تشير كتب الرحالة إلى ان سكان المغرب الأوسط اشتهروا عبر تاريخهم القديم بمقاومتهم للغزاة الرومان والوندال والبيزنطيين.
بوماريا pomaria باللاتينية هو الاسم الروماني لتلمسان، وتعني البساتين أو الحدائق.
وتشير مصادر تاريخية إلى ان تأسيسها أقدم من وجود روما بها، وأنها كانت تحمل اسما بربريا آخر، لأن موقعها الطبيعي والجغرافي الاستراتيجي الفريد جعل منها أرضا مستقرة وآهلة.
ويوضح الباحث أن اسم بوماريا، ما هو إلا ترجمة للإسم البربري القديم من خلال الحفريات والأبحاث التي قام بها باحثون غربيون على وجه الخصوص، على تلمسان وعثروا على بقايا أثرية تعود إلى العصور الحجرية أو فجر الحضارة الأولى لإنسان هذه المنطقة المتجذرة منذ ما قبل التاريخ.
اتخذت مدينة تلمسان، أسماء متعددة منذ نشأتها وفي مراحلها التاريخية، لأنها تعتبر من أقدم مدن المغرب الأوسط.
إسم تلمسان في لغة زنانة مركب من كلمتين “تلم” و” سان”، ومعناه تجمع اثنين البر والبحر.
ويذكر المقري صاحب نفح الطيب: “.. ويقال تلمشان أو تلشان وهو أيضا مركب من تلم معناه لها وشان أي لها شأن”.
تقع مدينة تلمسان، على ارتفاع 830م على سطح البحر تحيط بها من الجنوب الجبال الصخرية، وتحدها من الشمال الغربي مرتفع ترارة وجبل فلاوسن، وتحدها من الشمال الشرقي مرتفعات السبعة شيوخ وتاسلة، وتشرف من الناحية الشمالية على سهول الحناية الخصبة، ويتوفر موقعها على المسطحات المائية، فهي تقبع فوق خزان من المياه الجوفية إضافة إلى وجود الأودية.
ويصف لسان الدين ابن الخطيب، تلمسان بأنها مدينة جمعت بين الصحراء والريف ووضعت في موضع شريف كأنها “ملك على رأسه تاجه وحواليه من الدوحات حشمه واعلاجه”.
يقول “عبادها يدها وكهفها كهفا وزينتها زيانها وعينها أعيانها، هواها المقصور بها فريد وهواؤها الممدود صحيح عتيد وماؤها برود صريد حجبتها أيدي القدرة عن الجنوب..”.
وكلمة تلمست بكسر التاء جمعها تلمسين، وتلمست بفتح التاء جمعها تلمسان ومعناها واحد هو أرض تنعم بالمياه والأعشاب والأشجار.
وعلى هذا فإن كلمة تلمسان تطلق على هذا النوع من المدن، التي تقع في أرض تحيط بها الجبال وتنعم بالمياه والأعشاب والأشجار.
ويؤكد الباحث ان كلمة تلمسان بربرية الأصل وأطلق الرحالة والجغرافيون العرب بعد ابن خلدون وابن الفقيه على المدينة اسم تلمسان.
وصفها البكري: “مدينة مسورة في سفح جبل شجره الجوز ولها خمسة أبواب ثلاثة منها في القبلة: باب الحمام وباب وهب وباب الخوجة وفي الشرق باب العقبة وفي الغرب باب أبي قرة، فيها أثار للأول قديمة.. وأكثر ما يوجد الركاز في تلك الآثار…”، أي الكنوز المدفونة تحت التراب والتي تعود إلى فترات تاريخية بعيدة.
وصف المدينة
وقال ياقوت الحموي عنها: “تلمسان بكسرتين وسكون الميم وسين مهملة وبعضهم يقول تنمسان بالنون عوض اللام بالمغرب وهما مدينتان متجاورتان مسورتان بينهما رمية حجر، احداهما قديمة والأخرى حديثة والحديثة اختطها الملثمون ملوك المغرب، واسمها تافرزت فيها يسكن الجند وأصحاب السلطان وأصناف من الناس واسم القديمة أقادير، يسكنها الرعية… ومنها إلى وهران مرحلة “.
ووصفها صاحب الإستبصار: “مدينة تلمسان، مدينة عظيمة قديمة فيها أثار كثيرة أزلية تنبئ أنها كانت دار مملكة لأمم سالفة، وهي في سفح جبل أكثر شجره الجوز، وكان لها ماء مجلوب من عمل الأوائل من عيون يسمى بوريط، بينها وبين المدينة 6 أميال، ولها نهر كبير يسمى سطفسيف..”.
ويقول الجغرافي الشريف الإدريسي:”.. ومدينة تلمسان مدينة أزلية ولها سور حصين متقن الوثاقة وهي مدينتان في واحدة يفصل بينهما سور ولها نهر يأتيها من جبلها المسمى بالصخرتين وعلى هذا الجبل حصن بناه المصمودي قبل أخذه تلمسان، ولم تزل المصامدة قاطنين به إلى أن فتحوا تلمسان وهذا الوادي يمر في شرقي المدينة وعليه أرجاء كثيرة..”.
جدد ابن سعيد المغربي موقع تلمسان بقوله: “تقع تلمسان المشهورة حيث الطول أربع عشرة درجة وأربعون دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة واثنتان وأربعون دقيقة”، وقد سماها القدامى موريتانيا القيصرية يحدها من الغرب مملكة فاس ومن الشرق الإقليم الذي يسمى إفريقية ”
تشكلت مدينة تلمسان من ثلاث مدن متجاورة تأسست في فترات تاريخية مختلفة وهي أغادير وهي المدينة المحلية الصغيرة التي احتلها الرومان وبنوا على أنقاضها بوماريا، وفي عهد الدولة العباسية أقام بها بنو يفرن امارة زناتية.
وتشير النصوص التاريخية إلى ان مدينة أكادير او اقادير أو أجادير بنيت قبل الإسلام.
تاجورات أو تلمسان الحديثة أنشأها يوسف بن تاشفين، لتكون مقرا للإدارة العسكرية للمنطقة وأسس بها المسجد الجامع إلى جانب القصر وسورا جديدا يحيط بالمدينة ويحميها، وقد تأثرت العمارة بمدينة تلمسان خلال عهد المرابطين بالإبداع الفني الأندلسي، وفي عهد الموحدين كانت من بين المدن التي أخذ فيها العلم عن شيوخها وازداد توسع المدينة العمراني وتزايد نشاطها التجاري وانتشرت اللغة والثقافة العربية الإسلامية، وأصبح الكثير من الطلبة والعلماء يرتحلون إلى تلمسان للأخذ عن علمائها أو للتدريس والإستقرار بها.
المنصورة تحولت إلى قوة إقتصادية ومالية كبيرة
كانت تلمسان، إحدى المحطات الهامة لركب الحجاج المغاربة والأندلسيين، حيث أجتمع فيها ما يقرب من الألف حاج حسب تقدير الرحالة المغربي محمد العبدري، وشبهها الحاج المدجن ابن الصباح، بغرناطة وشاطبة من مدن الأندلس وغيرها من الحواضر الأخرى من المعمورة في زمانه.
يقول صاحب الروض المعطار عن تلمسان: “مدينة تلمسان مدينة عظيمة قديمة فيها أثار للأول كثيرة تدل على أنها كانت دار مملكة لأمم سالفة…”.
ووصف الحسن الوزان، القصر الملكي بتلمسان قائلا: “القصر الملكي الواقع جنوب المدينة محاط بأسوار مرتفعة إلى حد كبير على شكل قلعة ويضم قصورا صغيرة ببساتينها وسقاياتها وكلها مبنية بكامل العناية وبأسلوب فني رائع بما يليق بالمكانة السامية للسلطان والحكم”.
ومن قصور تلمسان الزيانية المشور أو القصبة، التي تقع بالجهة الجنوبية من المدينة لها شكل مستطيل يبلغ طوله 490م وعرضه 280م، وقد شيد في المكان الذي نصب فيه يوسف بن تاشفين، خيمته في الوقت الذي حاصر فيه أغادير .
كان القضاة في الدولة الزيانية على ثلاث مراتب قاضي الجماعة وقاضي الحضرة وقاضي العساكر، ومن قضاة تلمسان، الذين ذكرهم عبد الرحمن بن خلدون، في رحلته القاضي محمد بن غلبون، كما عرفت مدينة تلمسان قضاة آخرون منهم القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد النور، الذي كانت له خبرة في القضاء وذكر الحسن الوزاني، في كتابه “وصف إفريقيا”، انه كان بمدينة تلمسان قضاة ومحامون وعدد كبير من العدول يتدخلون في الدعاوى.
أحيطت مدينة تلمسان، في العهد الزياني بأسوار متينة شاهقة جميلة المنظر مبنية بناءا جيدا ومحصنة تحصينا قويا، بلغ في بعض جهاتها نحو سبعة أسوار، وقد أعجب الرحالة المغاربة والأندلسيين بأسوار المدينة منهم العبدري، الذي وصفها بأن أسوارها أوثق الأسوار وأصحها ووصفها صاحب الروض المعطار: “ولها سور متقن الوثاقة..”.
كان يحيط بتلمسان سوران داخلي وخارجي وكانت المساقة بينهما لا تقل عن 300 متر. وصفها الحسن الوزان، أسوار في غاية الارتفاع والقوة، أحيطت مدينة تلمسان بخندق عميق من الجهة الجنوبية من موازاة وادي متشكانة الذي يلتف حول المدينة من الناحية الجنوبية الشرقية، والذي كان يستدعي وقتا طويلا وجهدا كبيرا وأموالا طائلة.
أبواب المدينة
كانت تلمسان، تحتوي على مجموعة من الأبواب ذكرها الرحالة والحغرافيون منهم البكري، في القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي فيري أن أبوابها خمسة يقول: “ولها (تلمسان) خمسة أبواب ثلاثة منها في القبلة باب الحمام، وباب وهيب، وباب الخوخة وفي الشرق باب العقبة، وفي الغرب باب أبي قرة”.
شملت مدينة تلمسان على خمسة أبواب رئيسية واسعة شيدت على جانبي كل واحد منها مراكز حراسة بمثابة أبراج صغيرة مربعة الشكل لمراقبة الضواحي والاماكن المجاورة الداخلين إلى المدينة والخارجبن منها بإستمرار، وأقيمت في جوفها حجيرات يقيم فيها الموظفون والحراس والمكاسون من الرجال وأنشئت بالقرب منها دور لمزارعي المداخل.
وقد أسست هذه الأبواب بعد دمج المدينتين وإحاطتهما بالأسوار المتعددة، وكانت مصفحة بالحديد مدعومة بالحصون القوية يصعب اختراقهما ولها مصاريع حديدية تغلق بها.
وهذه الأبواب هي باب العقبة، شرق المدينة بني بحجارة من بقايا الرومان، باب سيدي الحلوي، شمال المدينة عرف بأسماء عديدة منها باب الزاوية نسبة إلى زاوية سيدي الحلوي، وباب علي، باب القرمادين يقع شمال الغربي من تلمسان، ويعتبر الحصن الدفاعي الاساسي الذي يحمي مدخل المدينة، باب كشوط، يقع في الجهة الغربية من المدينة ومعناه باب الأكشاك، أصبح يعرف فيما بعد باب فاس، أمر ببنائه يغمراسن بن زيان، وتحصينه بأبراج وأسوار عالية، وباب الجياد، يقع في الجهة الغربية من المدينة، ولم يبق من الأبواب القديمة إلا باب العقبة، يقع في الشرق.
عمد بنو زيان إلى بناء الحصون، منها حصن بكر، الذي شيد قرب مدينة بجاية وحصن الياقوتة، في أعلى الوادي المؤدي إلى مدينة بجاية، ومن أبرز الحصون التي اقامها الزيانيون تمززدكت، التي شيدت في الموقع المعروف اليوم بسوق الحسن الوزان، وهو حصن موجود بين صحراء أنكاد، وناحية تلمسان شيد قديما على صخرة.
وقد لفت انتباه الرحالة المغاربة والأندلسيين الحصون، التي شيدها بنو زيان، في تلمسان وضواحيها.
بنيت القلاع حول تلمسان لمراقبة وحراسة المدينة وما حولها على مسافات بعيدة خاصة منها تحركات الأعداء، وكان الهدف منها أيضا الإشعار بالخطر ومن تم تعبئة الجيش الزياني والمتطوعين لمواجهته ومن القلاع التي ورد ذكرها في كتب الرحالة المغاربة والأندلسيين قلعة ابن الجاهل، قال عنها عبد المنعم الحميري:” وفي الجنوب من تلمسان قلعة ابن الجاهل، وهي قلعة منيعة كثيرة الثمار والأنهار ويتصل بها جبل تارني، وهو وما يليه جبال مصمودة، وهو جبل كير معمور، فيه القرى الكثيرة والعمائر المتصلة.
الحياة الإقتصادية والإجتماعية
تناولت أطروحة الدكتوراة أيضا، الأحوال الاقتصادية و الاجتماعية في تلمسان من خلال كتب الرحالة والجغرافيين المغاربة والأندلسيين، وذكر عناصر المجتمع واهم القبائل والأجناس، التي كانت تقطن بتلمسان وضواحيها منها قبائل زناتة البربرية، والعرب والأندلسيين وعناصر أخرى مثل اهل الذمة من يهود ونصارى. وتحدث ايضا عن طبقات المجتمع منها طبقة الحكام، الفقهاء، العلماء، التجار، الصناع، واهم الصناعات والمهن والحرف في تلمسان.
وصف الرحالة والجغرافيين المغاربة والأندلسيين المياه في تلمسان، منهم الحاج عبد الله بن الصباح، صاحب الرحلة قائلا: “وفيها أي تلمسان الماء و الخضرة والزهر.. تمتاز بالماء البارد والهواء المعتدل، وكلما نصف من أوصافها فهو قليل لأنها مدينة قديمة البنيان…”، وكانت الأودية تنبع بقوة مما جعل تلمسان نادرا ما تتعرض للجفاف فوفرة المياه كانت من العوامل، التي جلبت السكان إلى تلمسان وساهمت في وفرة الإنتاج الفلاحي.
لم تكن كل الأراضي في تلمسان، تحرث في العهد القديم وتستغل عادة لأن محاصيل السنة الواحدة كانت كافية لسنين عدة لقلة عدد السكان والتصدير للخارج من جهة أخرى وكانت تلمسان، تنتج محاصيل زراعية عديدة ومتنوعة من خضر وفواكه، وكان الإنتاج الزراعي يزداد أوقات السلم والهدوء عكس أيام الحروب و الفوضى.
يقول عنها الحاج عبد الله بن الصباح، في رحلته إلى تلمسان: “مدينة تلمسان مدينة خضراء من كثرة البساتين والأشجار…وكثرة الزرع وشجر الزيتون و التين والعنب والغالب عليها ثمار الزيتون وتمر الغدان…وهي كثيرة المربا مما يأتي من الداخل والخارج… مدينة قائمة بنفسها مستغنية عن غيرها من المدائن والحصون مثل وجدة وندرومة ومدينة هنين، ومدينة وهران، التي هي اليوم وطن الحاج المذكور حتى يأتي الله بالخروج منها إما بالموت أو بالحياة..”.
واستطاعت مدينة تلمسان، تغطية حاجبات سكانها من الغذاء وتحقيق الاكتفاء، ووصف صاحب الروض المعطار مدينة تلمسان: “وهي تلمسان كثيرة الخصب والرخا، كثيرة الخيرات والنعم…ومزارعها كثيرة وفواكهها جمة.. “.
ووصف الحسن الوزان نواحي مدينة تلمسان: “وفي خارج تلمسان ممتلكات هائلة فيها دور جميلة للغاية ينعم المدنيون بسكانها في الصيف، حيث الكروم المعروشة الممتازة تنتج أعنابا من كل لون، طيبة المذاق جدا وأنواع الكرز الكثيرة التي لم أر لها مثيلا في جهة أخرى والتين الشديد الحلاوة وهو أسود غليظ طويل جدا يجفف ليأكل في الشتاء والخوخ والجوز واللوز والبطيخ والخيار وغيرها من الفواكه المختلفة “.
اعتنى أهل تلمسان بتربية الماشية عناية فائقة لاسيما البقر والغنم من ضأن ومعز، من أجل الإنتفاع بألبانها وزبدتها ولحومها وجلودها في الصناعة، ويضاف إلى ذلك الاعتناء بتربية الطيور الداجنة من دجاج وحمام وبط وأوز من اجل الانتفاع من بيضها ولحومها واهتم التلمسانيون بتربية الخيل المعدة لركوب الفرسان والبغال والحمير لحمل الأثقال، كان للسلطان اسطبل خاص بتربية الجياد والعناية بها حتى ان أحد أبواب المدينة سمي باب الجياد لقربه من الإسطبل. ويبدو ان اهتمام سلاطين بني زيان بالخيول والفروسية أصبح من تقاليدهم وعاداتهم المتوارثة من سلطان لآخر.
اشتهرت تلمسان بوفرة المواد الأولية التي كانت من بين العوامل المساعدة على ازدهار الصناعة و اشتهرت أيضا بإنتاجها النباتي والحيواني، حيث أعجب الرحالة والجغرافيين المغاربة والأندلسيين بالصناعة في تلمسان وشبهت بمدن الأندلس، اعتنى ملوك بني زيان بالصناعات المختلفة من نسيج، زورق، معادن، نحاس والأعمال الحرفية مثل الفخار ونحت الرخام ونقش الخشب والمجوهرات.
وكانت صناعة الحديد من بين الصناعات الهامة لوفرة المواد الأولية في محيط الدولة الزيانية، وقد استخدمت في الكثير من الصناعات مثل صناعة الأسلحة التي شملت السيوف وغيرها من أدوات القتال، وصنعت أبواب المدينة وتحصيناتها واستخدمت منه الأدوات البسيطة كالسكاكين ومقابض الأبواب والفؤوس والمحاريث.
ومن الصناعات التي اشتهرت بها تلمسان صناعة السروج وألجم الخيل، مارس الصناع التلمسانيون الحرف والمهن بدقة وإتقان وتفنن، كانت تختص النساء بصناعة الأواني الفخارية، حيث كانت لهم افران لطهي الأواني الفخارية والخزفية.
أعيان مدينة تلمسان واثارها التاريخية
ومن أعيان مدينة تلمسان، التي ذكرها أحمد بن سكيرج الفاسي، في كتابه “الرحلة الحبيبية الوهرانية..”، الشيخ شعيب ابن الحاج الجليلي، يقول صاحب الرحلة: “وقد اجتمعت في هذه البلدة التلمسانية بجماعة من ذوي المراتب العرفانية من الأحباب والإخوان… منهم قاضي الحضرة التلمسانية والفتوحات الربانية شيمة الحمد محمود السعي والقصد العلامة الفاضل أبو مدين الشيخ سيدي شعيب ابن الحاج علي الجليلي الشريفي الحسني”.
وأيضا الشيخ أبو المكارم الشيخ سيدي الحاج محمد بن عمر الحمداوي، المزياني الواسطي التلمساني المعروف بابن يمينة المدرس بالمدرسة بتلمسان، والشيخ سيدي محمد بن سليمان التلمساني، الشيخ الفقيه الضرير سيدي محمد بن عبد القادر بن محمد بن شعبان، الشيخ سيدي الغوثي بن محمد بن الحاج مزيان التلمساني، من أولاد الولي الصالح سيدي الحاج المعروفين بتلمسان، سيدي محمد بن الداودي التلمساني، حمادي بن مولاي الزياني التلمساني.
ومن الآثار التاريخية، التي زراها صاحب الرحلة ودونها في رحلته ونوه بها، والتي كانت محل عناية شعرية من طرف المؤلف بقوله:”وبتلمسان أربعة مساجد لصلاة الجمعة الجامع الكبير وجامع سيدي إبراهيم، وجامع سيدي الحلوي، وجامع سيدي أبي مدين وبها مساجد أخرى بدون خطبة أما مسجد أبي الحسن المجاور لساقية السبع هناك فإنه مغلق وبه بعض المآثر القديمة ولا يدخل إليه أحد إلا بإذن خصوصي من الحكومة هناك”.
ويضيف: “بخارج البلدة بلدة صغيرة تسمى بالعباد وبها ضريح الغوث الشهير سيدي أبي مدين رضي الله عنه، وهي في الجبل بين الجنانات والغراسي وبمسجده تقام الجمعة ولا زال أهل تلمسان متمسكين بالحبل المتين من الدين يلتمسون البركة من أهل الفضل ويعضون بالنواجذ على منابر الدين ومساجدهم بالمصلين عامرة وأعينهم في قيام الليالي وإحيائها بالعبادة ساهرة قد جبلوا على حسن الظن، وينفرون من يتداخل في الدين ولا يحبون البدع مشتغلين بما يعينهم فهذا هو الذي شاهدناه فيمن خالطناه منهم خصوصا ساداتنا الإخوان والأحباب فهم لا يتداخلون في فضول في فعل أو مقول”.