عبد الحاكم كمال، كاتب عصامي من مواليد 1952 بمدينة المشرية ولاية النعامة، جنوب غرب الجزائر.
تفرغ بعد خروجه إلى التقاعد إلى الكتابة عن الذاكرة الوطنية والبحث وتسليط الضوء عن مآثر الشعب الجزائري، وهو ما يعتبره قضية واجب وطني وتبليغ أمانة الشهداء للأجيال الصاعدة ، حيث يفصح عن العديد من جوانبه خلال هذا الحوار..
الشعب: المعروف عنك أنك كثير الاهتمام بالكتابة عن الذاكرة الوطنية، ما هي يا ترى الأسباب وراء هذا الاختيار؟.
عبد الحاكم كمال: إصداراتي كلها لها ارتباط وطيد بالذاكرة، وأنا أؤكد على كلمة “الذاكرة” لأن ما وجدته في الذاكرة الشعبية لم أجده مكتوبا في أغلب إصدارات التاريخ، ولأن التأخّر الذي شهدناه في كتابة التاريخ استغله الفرنسيون وكتبوا ما يشاءون وما هو في صالحهم، أما ما كتبنا نحن فكان شيء قليل.
تعود الأسباب أيضا إلى الوفاء لعهد الشهداء، الذي اعتبره أمانة في رقبة كل مثقف لتبليغ رسالة الشهيد، وللإشادة أيضا بمواقفهم النبيلة فهم أمجادنا ومرجعيتنا التي نفتخر ونعتز بها ولا خير في أمة تنسى أمجادها.
تحتاج الكتابة عن الشهداء وعن الثورة المجيدة الكثير من الأبحاث والمعلومات، هل الوصول إليها كان سهلا؟
جمعت هذه المعلومات ومرجعي الوحيد هو الذاكرة الشعبية، فكان مرجعي ذلك المجاهد الذي قاوم طيلة السنوات السبع الضارية وعاش محتفظا في مخيلته بتلك الأحداث والمأساة، فهو يصف المعارك وصفا دقيقا بالمكان والزمان وكأنها تمرّ أمامه في شريط سينمائي.. كان مرجعي أيضا ذلك المناضل، الذي كان يحتضن الثورة والثوار ليلا فيخدمهم ويقدم يد العون قدر إمكانياته المحدودة، ليعذب على أيدي الجلادين فيصمد للتعذيب صامتا لا ينطق بكلمة فلا يذكر ولا يتذكر شيء حتى اسمه..
تضحيات وبطولات في قمة العظمة لمسها الاستعمار الفرنسي الغاشم وأجبرته شجاعتهم على الاعتراف بها رغما عنه.. كما كان مرجعي تلك المرأة التي فقدت الابن والزوج أو الأخ أو تلك، التي كانت إلى جانب الرجل إبان سنوات المحن وهي لازالت تتغنى بهذه البطولات..
هذه هي المراجع والمصادر، التي أخذت منها هذه الشهادات الحية، ويا حبذا لو لجأ الكتاب والمؤرخون إلى الذاكرة الشعبية لكتابة تاريخ الثورة، لأن كل مجاهد وكل مناضل وكل مواطن عاش أيام الثورة وعايش رجالها يعتبر كتابا مفتوحا إلى يوم رحيله.
ومع الأسف الشديد أن رحيلهم هذه الأيام تزايد وتكاثر بحكم السن وما نقشته سنوات الجمر في ضمائرهم وعلى أجسادهم، ورغم ذلك ولكن لابد من القول إنه من الصعب جدا الوصول إلى هذه المعلومات لأسباب عديدة أذكر منها، كبر سن المجاهدين ورحيل البعض منهم ومع الأسف الشديد أن رحيلهم هذه الأيام تزايد وتكاثر بحكم التقدم في العمر وأيضا وما نقشته سنوات الجمر في أرواحهم وعلى أجسادهم ورغم ذلك ظلوا صامدين.
حدثنا عن إصدارتك؟
كتابي الأول الصادر سنة 2015، بعنوان “أمجاد الولاية الخامسة التاريخية في الذاكرة الشعبية”، والثاني الصادر بتاريخ 2017 بعنوان “رسالة إلى النائم تحت التراب (الشهيد)”، والثالث الصادر بتاريخ 2020 بعنوان “قصص عن الثورة الجزائرية في الذاكرة الشعبية”، والرابع الصادر بتاريخ 2022، بعنوان “صراع من أجل البقاء”، عبارة عن مأساة عشتها لما أصبت بوباء كورونا، وكل كتبي صادرة عن منشورات “دار الأديب”.
وهل من مشروع كتاب جدید؟
كتابي القادم يحمل عنوان “الثورة الجزائرية في الذاكرة” ومن المنتظر أن يصدر شهر نوفمبر القادم.
من المؤكد أن كل كتاب عن الذاكرة والمرجعية الوطنية يحمل بين صفحاته رسالة للأجيال القادمة.. ما هي الرسائل التي تحملها إصداراتك؟
أعتبر أعمالي المتواضعة مادة خام أضعها بين المؤرخين والمهتمين بكتابة تاريخ الثورة، حيث ينبغي لنا اليوم وأكثر من ذي قبل الحفاظ على الذاكرة الشعبية، وعلينا الاهتمام والحرص على التوثيق من خلال التأليف كتابيا أو عن طريق الوسائل السمعية البصرية حتى نضمن استمرارية الرسالة النوفمبرية عبر تواصل الأجيال.
وما هي النصيحة التي يمكنك تقديمها للكتّاب الشباب الذين يحاولون الخوض في غمار الكتابة التاريخية؟
نصيحتي للشباب الراغب في كتابة تاريخ الثورة أن يأخذوا المعلومات من الذين صنعوا التاريخ أو من – من عايشوهم.
كلمة أخيرة؟
إن الواجب الوطني هو من دفعني إلى القيام بهذا العمل المتواضع وفاء لعهد الشهداء وخدمة للتاريخ وتبليغ رسالة الشهيد إلى الأجيال القادمة، وحتى لا ننسى معاناة الشعب الجزائري من ويلات العدو الفرنسي الغاشم.