أجمع مؤرخون في ندوة تاريخية بعنوان “التاريخ والذاكرة: نوفمبر في قلب السيلا”، بقاعة الطاسيلي، على هامش معرض الكتاب سيلا 2023، على أن بيان أول نوفمبر 1954، يعد عصارة نضال الجزائريين ومصدر من مصادر عزة الجزائري وتاريخه، وهو الوثيقة الوحيدة التي لقت اجماع كل الجزائريين، ولا يمكن مراجعتها.
أكد الدكتور علال بيتور، استاذ التاريخ المعاصر بجامعة الجزائر 02، ومستشار تاريخي في فيلم زيغود يوسف، أن بيان اول نوفمبر عصارة نضال أكثر من قرن من الزمن لم يأت من فراغ.
وأوضح المتحدث أن البيان دفع الجزائريين إلى الوثبة الأولى التي حررت الجزائر من الإستعمار البغيض، بعدما كان يظن البعض أنه من المستحيل أن تتخلى فرنسا على جزء من الجزائر.
وأكد بيتور، ان الجزائر أول دولة تسقط في يد الإحتلال الإوروبي في 1830، لتتولى بعدها بقية دول المغرب العربي.
وأشار إلى إن إدارة الإحتلال لم تتحدث عن بيان أول نوفمبر طيلة الثورة، حيث بحث المؤرخ في كل الجرائد الفرنسية منذ 2 نوفمبر 1954 ولم يعثر على اشارة للبيان.
وشدد الأستاذ المحاضر، على ضرورة قراءة تاريخ الجزائر ليكون هناك وعي بالتاريخ، ولفت إلى أن استذكار ذاكرة الأبطال ترافقنا في حاضر الجزائر الجديدة، وقال :” نريد قراءة جديدة لبيان اول نوفمبر مازلنا لم نتعمق في البيان، هذا الأخير يمثل مصدرا من مصادر عزة الجزائري وتاريخه، وهي الوثيقة التي أجمع عليها الجزائريون دون مخالف”.
وأكد ان مشروع نوفمبر ما يزال صالحا لإعادة بعث الجزائر من جديد.
وأضاف المؤرخ :”لأن إخواننا في فلسطين يناضلون من أجل تحقيق نصر آخر، تحرير الجزائر يبقى منقوصا دون تحرير القدس”.
وقال أيضا:”بعض العربان يتحالفون مع اسرائيل لضرب المقاومة الفلسطينية ويمدهم بالدعم “.
وأشار الدكتور بيتور، إلى بعض ممثلي الأحزاب الذين طالبوا بالتخلي عن الجانب الاجتماعي في الدولة، وقال هذا البعد الاجتماعي موجود في بيان أول نوفمبر ولا يمكن مراجعته.
وأوضح محمد خلادي الذي كان مدير مصلحة التوثيق والبحث بوزارة التسليح والاتصالات العامة (المالغ)، أن بيان أول نوفمبر 54 يمثل نموذج نادر لعبقرية رؤية الثورة، ليس على الصعيد العسكري والسياسي والإجتماعي والاقتصادي فقط، بل يتجاوز ذلك كونه يمثل مشروع أمة تدافع عن القيم الإنسانية ومبادئ الحرية وحقوق الإنسان والعدالة، لما تضمنه من إستشراف لبناء الدولة وتعزيز مكانة الأمة الجزائرية.
وقال:” “لابد من قراءة متجددة عميقة لبيان أول نوفمبر في كل مرة, لأنه يكشف عن رؤيته الإستشرافية وصلاحيته لكل زمان ومكان”.
واكد المجاهد والدبلوماسي، محمد خلادي، أن الجزائر هي البلد الوحيد في البلاد العربية، التي حررت نفسها واسترجعت كرامتها واستقلالها بيدها وسواعد أبنائها وتضحياتهم، بعد ما تعرض له الشعب الجزائري من إبادة جماعية وأبشع الجرائم ضد الإنسانية منذ بداية الاحتلال.
من جهته تحدث البروفيسور سعيدي مزيان، عن ضرورة تصحيح المفاهيم وتحديد المصطلحات وتوثيقها بالدلائل، وأشار إلى أن بيان اول نوفمبر أولى مظاهر عظمة الثورة الجزائرية، الذي دستره رئيس الجمهورية في دستور 2020، كما أن مرجعية الحملات الإنتخابية بيان اول نوفمبر.
وأوضح المتحدث، أن بيان أول نوفمبر حدد دوائر الانتماء وهي الدائرة العربية والاسلامية ثم توسعت إلى الدائرة الإفريقية ثم إلى الكتلة الأفرواسيوية، حيث نص البيان على استرجاع السيادة الوطنية وإعادة بناء الدولة الجزائرية لإبراز الوصال التاريخي لدولتنا التي أنكرها الفرنسيون منذ 1830.
وأشار إلى أن البيان هو دعوة للسلم وليس للحرب.
أما المجاهد عيسى قاسمي، فقد أكد في تدخله ان الثورة الجزائرية نجحت بالوحدة والأخلاق، داعيا في الوقت نفسه الشباب إلى الإقتداء بجيل نوفمبر 1954.
وذكر المجاهد الشباب الذي كان حاضرا بالقاعة بالمعاناة الكبيرة، التي عاشها الجزائريون آنذاك ومحاولة المستعمر بكل الطرق طمس هويته، وقال:” على جيل اليوم الغوص في تاريخه والإستلهام من بطولاته والافتخار برصيد النضال الوطني وقادته”.