انطلقت فعاليات الندوة الوطنية الثانية حول شيخ المؤرخين، الدكتور أبو القاسم سعد الله، أمس السبت، بتندوف، بعنوان “أبو القاسم سعد الله، من خيمة الأدب إلى قلعة التاريخ”.
شارك أساتذة وأكاديميون من داخل الولاية وخارجها، في الندوة الوطنية الثانية حول شيخ المؤرخين، التي احتضنتها المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية التي تحمل اسم الرجل، شكّلت تذكرة عودة لقامة علمية جزائرية رسمت أحرفها من ذهب في تاريخ الجزائر الناصع، من خلال إسهامات أدبية وتاريخية تعدُّ مصدراً علمياً لكثير من المؤرخين المعاصرين.
الحدث الثقافي بكلّ تجلياته، هو اعتراف بمآثر الرجل وفضله على سكان الولاية التي كان يكنُّ لها كل الحب والتقدير، فلطالما عبّر عن تعلّقه بالولاية خلال زياراته لها، فما كان من أهلها إلا أن نقشوا اسمه على أكبر صرح ثقافي بالولاية.
أشاد المؤرخ البروفيسور محمد الأمين بلغيث، بالرجل وخلقه ومَلَكَته العلمية، وقال إنّ الندوة الوطنية الثانية حول شيخ المؤرخين، تأتي بالتزامن مع الذكرى العاشرة لوفاته، واصفاً إيّاه بـ«الرجل العجيب”، الذي عاش على الهامش وفي زاوية بعيدة عن الضوء إلى أن أصبح عَلماً كبيراً بعد وفاته.
بلغيث وهو يعدّد خصال شيخ المؤرخين، أشار إلى أنّ الحدث الذي تحتضنه ولاية تندوف، من خلال تنظيمها للطبعة الثانية من ندوته الوطنية، هو احتفاء باسم من الأسماء اللامعة التي صنعت تاريخ الجزائر الثقافي.
وواصل بلغيث قائلاً إنّ تاريخ الجزائر الثقافي وتاريخ الحركة الوطنية ومسار قلم وغيرها من الأعمال في 66 مجلداً، هي إسهامات تنوء بحملها الجبال الراسيات، فما بالك بأن يحملها رجل عاش لفترة طويلة جداً على الهامش، كما هي حال الصالحين والفاعلين والمفكرين الكبار، الذين يسعون من أجل إيجاد مكانة لأممهم ولمجتمعاتهم في عالم يعرف صراعاً عنيفاً بين الخير والشر.
واستطرد: ” إنّ شيخ المؤرخين أبو القاسم سعد الله، كان مثقفاً نوعياً ووطنياً يملك رسالةً في الحياة، فكان قوالاً للحق، رافضا للسلوكيات المشينة، محارباً للتخلف والجهل، ولم يسع يوماً إلا لكتابة تاريخ الجزائر الذي تعرّض للتشويه، من قبل مغول القرنين التاسع عشر والعشرين”، في إشارة إلى الاحتلال الفرنسي.
وأعرب بلغيث، عن حزنه لعدم مقدرة الدكتور أبو القاسم سعد الله، على تحقيق أمنيته الأخيرة بتحقيق النسخة المسروقة من كتاب الأمير عبد القادر “تحفة الزائر”، واستكمال الأجزاء الثلاثة المتبقية من “مسار قلم”..