الشيخ عبد الحميد بن باديس، ابن مدينة قسنطينة، أحد رجال الجزائر الذي نجحوا في صقل شخصية الأفراد بترسيخ وعي وطني عميق في أسس الثورة الوطنية، التي مكنت من كسر قيود الاستعمار واسترجاع الحرية والاستقلال.
رغم وفاته في 1940، إلا أن الإمام العلامة عبد الحميد بن باديس، ظل مصدر رعب بالنسبة للمستعمر حيث ورد اسمه في تقارير شرطة الاستعمار خلال الثورة التحريرية المظفرة تعترف بأنه كان له تأثير على مهندسي وقائدي الثورة، مثلما أفاد به في تصريح لـ وأج رئيس مؤسسة عبد الحميد بن باديس، الأستاذ عبد العزيز فيلالي.
وأوضح رئيس مؤسسة عبد الحميد بن باديس والمختص في التاريخ، أن هذه التقارير تعترف بأن هذا الرجل المصلح كان يكون جيوشا وأن العديد من إطارات الثورة الجزائرية هم تلاميذه أو تلاميذ تلاميذه’.
كرس الإمام بن باديس، حياته لنشر الروح الوطنية لدى الأفراد وترسيخ فكرة الانتماء إلى المجتمع الجزائري، الذي له تاريخه الخاص وقيمه وثقافته، وذلك لدحض كل محاولات الإدماج، ظل عبد الحميد بن باديس، يرهب المستعمر حتى بعد وفاته، مثلما أشار إليه الأستاذ فيلالي، الذي وصف نضاله الفكري بالجهاد الأعظم ضد المستعمر.
وأضاف البروفيسور فيلالي، أن الخلاصة التي توصل إليها المستعمر بشأن تأثير الشيخ بن باديس، ارتكزت على المعطيات الواردة في المحاضر، التي أعدتها شرطة الاستعمار الفرنسي في 1921 بخصوص هذا الإمام العلامة.
وبناء على تعليمات السلطات العليا للمستعمر الفرنسي آنذاك، فقد سخرت منذ 1921 شرطي خصيصا لمتابعة تحركات ونشاطات الإمام بن باديس، وفقا لما كشف عنه الأستاذ فيلالي، وأضاف أنه حتى رسائل الدعوات لحضور مراسم الاحتفالات كان يتم فهرستها من طرف شرطة المستعمر.
وأفاد أن رائد حركة الإصلاح في الجزائر، الذي كرس حياته للتغيير الفعلي القائم على ارتباط الفرد بهويته ودينه ووحدته الوطنية، قد تصدى علانية للمحتل الفرنسي وحارب كل مخططات الإدماج، صدح صوته معلنا أن ‘الأمة الجزائرية ليست فرنسا ولا يمكن أن تكون فرنسا ولا تريد أن تكون فرنسا.
أكد الأستاذ فيلالي، أن رائد النهضة العلمية والدينية والثقافية، عبد الحميد بن باديس، المصلح ومؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كان يقود معركته على جبهات عديدة حيث أنار العقول حول قضية الاستقلال وحارب أيضا الجهل والخرافات، لأنه ناضل من أجل نهضة أمة متحررة ومكتملة معرفيا.
ويعتبر المفكرون المعاصرون أن ذكرى هذا الرجل في منأى عن الزوال لأن اسمه ارتبط بشكل وثيق بالعلم وذلك من خلال التظاهرة التي يحتفل بها يوم 16 أ فريل من كل سنة تزامنا مع تاريخ وفاته (16 أفريل 1940)، ورافعوا من أجل إعداد المزيد من الأبحاث حول كتابات العلامة الفقيد، الذي يعتبر فخر الجزائر.