تعد مؤسسة “دار الحديث”، إحدى منارات العلم القائمة بمدينة تلمسان.
تسهم في التربية والتعليم والتثقيف من أجل إعداد أجيال تسهر على طلب العلم وحفظ القرآن، وشكلت إبان الاستعمار الفرنسي، فضاء لتعزيز الروح الوطنية لدى تلاميذتها والدفاع المستميت عن كل شبر من أرض الجزائر.
إختارت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، العلامة الشيخ البشير الإبراهيمي، للإشراف على العمل الإصلاحي النهضوي بغرب البلاد وبعد حلوله بمدينة تلمسان بمدة غير طويلة ألقى بفكرة تأسيس “دار الحديث”، لأهل تلمسان فتلقوها بالقبول وشرع الجميع في التخطيط بشقيه المادي والمعنوي لإنجاح المشروع، الذي استغرقت اشغال تجسيده سنة ونصف”، وفق ما أفاد به ل /وأج نائب رئيس الجمعية المذكورة والمشرف على مؤسسة “دار الحديث” الشيخ بن يونس آيت سالم.
في هذا الصدد، أوضح : “جاء في عقد ملكية دار الحديث قائمة اشتملت على 171 مشتريا من تلمسان تعبيرا عن العزيمة الجماعية في تحقيق هذا المشروع والمحافظة عليه وبهدف تفويت فرصة إلحاق المستعمر الفرنسي هذا المرفق بالأوقاف”.
وأضاف: ” افتتحت “دار الحديث “يوم 27 سبتمبر 1937 بحضور الآلاف من الجزائريين الوافدين إلى تلمسان من كل أنحاء الجزائر، حيث انطلق وفد العلماء من محطة القطار يتقدمهم الإمامان عبد الحميد ابن باديس والبشير الإبراهيمي، وسط الجموع التي إصطفت على جنبات الطريق”.
ودامت الاحتفالات بإفتتاح “دار الحديث” ثلاثة أيام ألقيت فيها دروس ومحاضرات وكانت كلها ترمي إلى تقوية العقيدة وتنوير الفكر وتمتين الانتماء للوطن و وزع فيها الضيوف على الأسر التلمسانية للتعارف والتواصي بالحق والثبات، إستنادا للمتحدث.
وذكر الشيخ بن يونس، بأن “السلطات الاستعمارية رفضت فكرة هذه الحركة التي اعتبرتها خطرا يهددها وحوكم الإمام الإبراهيمي، والأستاذ عبد السلام طالب، بتهمة عدم طلب الرخصة لافتتاح “دار الحديث” وتنظيم مظاهرة وقامت الإدارة الفرنسية بعد ثلاثة أشهر بإغلاقها ولكن أعيد فتحها مرة أخرى وعرقلت عملية سيرها”. أشار المشرف على مؤسسة “دار الحديث” الشيخ بن يونس آيت سالم.
وفي 1956 أغلقها من جديد الجيش الاستعماري وحولها إلى ثكنة عسكرية، كما قدمت “دار الحديث” من طلبتها 80 شهيدا إبان الثورة التحريرية المجيدة.
وبعد الاستقلال استعادت “دار الحديث” دورها في البدايات كمعهد للتعليم الأصلي ومدرستها التحضيرية اليوم رائدة تستقبل سنويا 400 طفلا وطفلة فيما تضم مدرستها القرآنية أزيد من 150 طالبا. كما لديها نشاط نسوي يتمحور بالأساس حول تعليم القرآن الكريم ومحو الأمية.
وتتوفر ذات المؤسسة، التي لا تزال تحافظ على طابعها المميز في التعليم والتربية، على مكتبة تضم أزيد من 6.000 كتابا وتشهد إقبالا كبيرا من قبل الطلبة والأساتذة، مثلما جرى شرحه.
