كان أول من ندد بالتعذيب خلال الثورة الجزائرية من 1954 إلى 1962.
ولد هنري علاق في جويلية 1921 في العاصمة البريطانية (لندن) لأبوين يهوديين بولنديين فرّا من مذابح النازيين، ذهب إلى الجزائر عام 1940 و انتسب بعد عام إلى الحزب الشيوعي الجزائري.
أبرز المدافعين عن المناضلين الجزائريين والثورة إبان الاحتلال الفرنسي وأحد المساهمين في فضح الجرائم والانتهاكات التي مارسها الاستعمار الفرنسي في الجزائر، تعرف الحقوقي هنري علاق على جيلبيرت سرفاتي التي ستصبح زوجته سنة 1946، وتنضم معه إلى الحزب الشيوعي الجزائري ويناضلا معًا في سبيل استقلال الجزائر.
أصبح أحد أعضاء اللجنة المركزية للحزب حتى حله عام 1955، تولى رئاسة تحرير صحفية «الجيريبوبليكان» (الجزائر الجمهورية) لسان حال الحزب الشيوعي الجزائري من فيفري 1951 حتى جويلية 1955 تاريخ حظرها.
وبرزت مواقف علاق المنددة بالاستعمار الفرنسي للجزائر والرافضة له، فعمل على فضحه وفتح صفحات جريدته إلى كل مؤيد لاستقلال الجزائر.
اعتقل هنري في أوج معركة تحرير الجزائر من الاحتلال الفرنسي في 1957 بينما كان يُحاول الاتصال بالمناضل الفرنسي موريس أودان ،وعذب ثم حكم عليه بالسجن بفرنسا فرنسا عشر سنوات مع الأشغال الشاقة عام 1960.
بعد ثلاث سنوات، وفي أثناء أخذه إلى مستشفى مدينة رين، انتهز هنري علاق فرصة اشتغال حراسه وفر من المستشفى بمساعدة بعض رفاقه، وذهب إلى تشيكوسلوفاكيا ثم عاد إلى الجزائر، وأعاد إصدار صحيفة “الجزائر الجمهورية” لسان حال الشيوعيين الجزائريين، ثم تم العفو عنه بموجب اتفاقيات إيفيان، التي سمحت بإعلان وقف إطلاق النار ووضع حد لحرب الجزائر.
أول من ندد بالتعذيب
أثناء فترة اعتقاله بسجن بارباروس في وهران ألف هنري علاق سرًا كتابه “السؤال” الذي نشر عام 1958 وثق فيه وحشية التعذيب وأساليبه ضد المناضلين الجزائريين، ويروي ايضا التفاصيل الدقيقة لتعرضه للتعذيب بالمولدات الكهربائية من الجيش الفرنسي، ما أحدث مضاعفات سلبية على جسده لكن الرقابة حظرته غداة نشره.
يقول علاق في كتابه السؤال: “تجرعتُ الكثير من الآلام والإهانات إلى درجة أنني كنت لا أتجرأ على استعادة ذكريات التعذيب، لم أكُن لأفعل لولا اعتقادي أنها تسهم في كشف الحقيقة، وتساعد في التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار وبلوغ السلم المنشود”.
عمل صحافياً في صحيفة «لومانيتيه» L’humanité الفرنسية من 1966 الى 1980، وانخرط في الحزب الشيوعي الفرنسي منذ ستينات القرن الماضي وظل وفياً له حتى وفاته في 17 جويلية 2013، وكان يحمل الجنسية الجزائرية بجانب جنسيته الفرنسية.
و هو من نعته المجاهدة الجزائرية لويزات إيغيل أحريز، التي كانت من ضحايا التعذيب الذي مارسته القوات الفرنسية خلال الثورة ، وقالت أحريز التي أعادت سنة 2000 فتح النقاش حول التعذيب خلال الحرب: «أشعر بحزن عميق لأن هنري علاق كان أخي الروحي وأخي في الكفاح وناضل دائماً من أجل القضايا العادلة، كانت تربطنا قضية مأساوية هي التعذيب خلال حرب الجزائر».