عمر بن قدور من روّاد الصّحافة العربية في الجزائر، أنشأ عدة صحف أشهرها جريدة “الفاروق’’، كان يعتبر النشاط الصحفي وسيلة لمعالجة مشاكل المجتمع الجزائري بتشخيص الداء ووصف الدواء.
خصّص جزءًا كبيرا من مساحة الجريدة لخدمة التربية والتعليم باعتبارها أساس النهضة العلمية الكفيلة بإعطاء الأجيال الصاعدة السلاح اللازم لقهر المظالم والتطور والازدهار.
حارب الجهل بـ”الفاروق”
أخذت جريدة الفاروق على عاتقها منذ نشأتها وعلى لسان صاحبها محاربة التخلف، والجمود الذي يتخبط فيه المجتمع الجزائري، والذي يعود سببه إلى بعض الزوايا والطرق الصوفية التي سماهم بالقائمين على الدين الإسلامي، حيث حملهم المسؤولية.
صور في كتاباته حالة التخلف والبؤس الذي تعيشه الجزائر بسبب هؤلاء الذين شوهوا الدين الإسلامي بسبب جهلهم وحمقهم ، وكان يدعو إلى ضرورة استعمال العقل لفهم الدين الإسلامي.
حثّ الشّعب الجزائري على رفض الأمر الواقع، والاستعداد للثورة قصد التخلص من الهيمنة الاستعمارية، أثرت هذه المقالات المتعددة في المجتمع، فتم استدعاءه من قبل الوالي العام الفرنسي، هدده طالبا منه التوقف عن تشويه صورة فرنسا بالجزائر.
في سنة 1908 تولى رئاسة تحرير القسم العربي لجريدة “الأخبار”، التي كان يديرها ويشرف عليها صاحبها ‘’فكطور بروكندا’’.
ألقت سلطات الاحتلال عليه القبض سنة 1915، وحاكمته بتهمة ‘’العمالة’’، وأصدرت ضده حكما بالسجن ثم قررت نفيه إلى مدينة الأغواط.
فقضى هناك فترة وبعد عودته من منفاه أعاد بعث الجريدة من جديد في سنة 1924 وشارك مع محمد بن بكير في إصدار جريدة “الصديق”.
اهتمام حاص بالمرأة
أولى عمر بن قدور المرأة الجزائرية حيزا مهما وكبيرا في تفكيره ونشاطه الإصلاحي وبعده التنويري، حيث دعا إلى تعليم المرأة وترقيتها .
كان يعتبر أنه من الخطأ تغييب هذا العنصر البشري عن دوره الحيوي في بناء المجتمع، و نصح بتربية النشء والاهتمام بالبنات والبنين دون إحداث فرق في ذلك. ولهذا وجه خطابه للمفكرين والعلماء والأغنياء والأولياء . ودعا لتحصين المرأة عبر تعليمها شرعيا حتى تتصدى لدعاة التغريب والفرنسة .
وتجدر الإشارة فإن الشيخ عمر بن قدور من مواليد سنة 1886م بالجزائر العاصمة في أسرة محافظة ومتواضعة ومتديّنة، حرمت العائلة من أرض البور واستغلال ممتلكاتهم الغابية.
دخل الكتاب في سن مبكر، وحفظ ما تيسّر من القرآن الكريم، حرص والده على تمكينه من تعليم مبادئ اللغة العربية والفقه وتدريس معالم الدين الإسلامي، التحق بجامع الزيتونة قصد الحصول على العلوم والمعرفة.
وهناك استفاد من النشاط الإعلامي والثقافي الذي كانت تزخر به تونس، وبدأت خطواته الأولى في الكتابة مستعملا أعمدة ‘’التقدم’’ واللواء والقاهرة والحضارة والتعرف بقضايا الشعب الجزائري، والتشهير بالتعذيب الاستعماري. كان لهذا العمل الفعّال تأثير بالغ في الرأي العام العربي على الإدارة الإستعمارية.